مطابقته للترجمة في قوله: (وذمة المسلمين واحدة) وأما قوله: يسعى بها أدناهم، ففي رواية أحمد، وقد ذكرناه الآن، ومحمد شيخ البخاري هو محمد بن سلام، كذا نسبه ابن السكن، وقال الكلاباذي: روى محمد بن مقاتل ومحمد بن سلام ومحمد بن نمير في (الجامع) عن وكيع بن الجراح، وإبراهيم التيمي يروي عن أبيه يزيد بن شريك التيمي تيم الرباب، مات إبراهيم في حبس الحجاج سنة أربع وتسعين.
والحديث مضى في: باب حرم المدينة فإنه رواه هناك: عن بشار عن عبد الرحمن عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه... إلى آخره، وفيه: وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه: فقال فيها: الجراحات وأسنان الإبل... وتقدم الكلام فيه هناك.
قوله: (ما بين عير) بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وهو اسم جبل بالمدينة قوله: (إلى كذا) لعله: أحد قوله: (حدثا)، بفتح الدال، وهو الأمر المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة، والمحدث، بكسر الدال، وهو الذي ينصر جانيا أو أواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين من يقتص منه، ويروى بفتح الدال، وهو الأمر المبتدع نفسه. قوله: (صرف)، بفتح الصاد المهملة: وهو التوبة، وقيل: النافلة، والعدل: الفدية، وقيل: النافلة، والعدل: الفدية، وقيل: الفريضة. قوله: (فمن أخفر)، بالخاء المعجمة أي: فمن نقض عهد مسلم فعليه مثل ما كان على من أحدث فيها.
11 ((باب إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا)) أي: هذا باب في بيان قول المشركين حين يقاتلون إذا قالوا: صبأنا، وأرادوا به الإخبار بأنهم أسلموا ولم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، وجواب: إذا، محذوف تقديره: إذا، محذوف تقديره: هل يكون ذلك كافيا في رفع القتال عنهم أم لا؟ قيل: إن المقصود من الترجمة أن المقاصد تعتبر بأدلتها كيف ما كانت الأدلة، لفظية أو غير لفظية، تأتي بأي لغة كانت، وصبانا من صبأ فلان إذا خرج من دينه إلى دين غيره، من قولهم صبا ناب البعير إذا طلع، وصبأت النجوم إذا خرجت من مطالعها، وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وسلم: الصابئ، لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام.
وقال ابن عمر فجعل خالد يقتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبرأ إليك مما صنع خالد أي: قال عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهما.. وهذا طرف من حديث طويل أخرجه البخاري في كتاب المغازي في غزوة الفتح. وأصل القصة أن خالد بن الوليد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا، صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم بناء على ظاهر اللفظ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأنكره، فدل على أنه يكتفي من كل قوم بما يعرف من لغتهم، وقد عذر النبي صلى الله عليه وسلم خالدا في اجتهاده، ولذلك لم يقد منه. وقال ابن بطال: لا خلاف أن القاضي إذا قضى بجور أو بخلاف قول أهل العلم فهو مردود، فإن كان على وجه الاجتهاد والتأويل كما صنع خالد، رضي الله تعالى عنه، فإن الإثم ساقط والضمان لازم عند عامة أهل العلم، إلا أنهم اختلفوا في ضمان ذلك، فإن كان في قتل أو جراح ففي بيت المال، وهذا قول الثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق. وقالت طائفة: على عاقلة الإمام أو الحاكم، وهذا قول الأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي، وقال ابن الماجشون: ليس على الحاكم شيء من الدية في ماله ولا على عاقلته ولا في بيت المال. فإن قلت: ليس فيه ولا في الحديث الذي يأتي لفظ: صبأنا، فأين المطابقة؟ قلت: جرت عادته أنه يترجم ببعض ما ورد في الحديث الذي يذكره فيه.
وقال عمر إذا قال مترس فقد آمنه إن الله يعلم الألسنة كلها وقال تكلم لا بأس أي: قال عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وهذا التعليق وصله عبد الرزاق من طريق أبي وائل، قال: جاءنا كتاب عمر ونحن نحاصر قصر فارس، فقال: إذا حاصرتم قصرا فلا تقولوا: إنزلوا على حكم الله، فإنهم لا يدرون ما حكم الله، ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم، وإذا لقي الرجل الرجل فقال: لا تخف، فقد أمنه، وإذا قال: مترس، فقد أمنه، أن الله يعلم الألسنة كلها ولفظة: مترس، كلمة فارسية ومعناها: لا تخف، لأن لفظ: م، كلمة النفي عندهم. ولفظ: ترس، بمعنى الخوف عندهم، فإذا أرادوا أن يقولوا لواحد: لا تخف، يقولون بلسانهم: مترس، واختلفوا في ضبطها، فضبطه الأصيلي: بفتح الميم والتاء وسكون الراء، وضبطه أبو ذر: