عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٩٨
إبراهيم، ولم يختلف عليه أنه من رواية إبراهيم. قوله: (من فيه) أي: من فمه. قوله: (رطبة)، أي: غضة طرية في أول ما تلاها، ووصفت التلاوة بالرطوبة لسهواتها، ويحتمل أن يكون المراد من الرطوبة رطوبة، فمه، يعني: أنهم أخذوها عنه قبل أن يجف ريقه من تلاوتها، كذا قاله الشراح. قلت: هذا كناية عن سرعة أخذهم على الفور حين سمعوه، وهو يقرأ من غير تأخير ولا توان.
وتابعه أبو عوانة عن مغيرة أي: تابع إسرائيل أبو عوانة الوضاح اليشكري في روايته عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم، ومتابعة أبي عوانة تأتي في تفسير المرسلات.
وقال حفص وأبو معاوية وسليمان بن قرم عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله حفص هو ابن غياث، وأبو معاوية محمد الضرير، وسليمان بن قرم، بفتح القاف وسكون الراء وفي آخره ميم: الضبي، والأعمش سليمان، أراد أن هؤلاء الثلاثة خالفوا إسرائيل فجعلوا الأسود بن يزيد بدل علقمة بن قيس. أما رواية حفص فوصلها البخاري في الحج، وأما رواية أبي معاوية فوصلها مسلم من حديث أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله، قال: (كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم في غار...) وأما رواية سليمان بن قرم فعلى الفتوح.
8133 حدثنا نصر بن علي قال أخبرنا عبد الأعلى قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض..
نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري، طلبه المستعين للقضاء، ثم جاؤوا بعهدة القضاء فقال: أخروها إلى العشي، فلما خرج إلى صلاة الظهر عاودوه، وقال: سألتكم إلى العشي وعسى أن يكفي الله. قالوا: ثم دخل إلى منزله فصلى ركعتين وسجد، وسأل الله أن يقبضه إليه فمات وهو ساجد، رحمه الله تعالى ، سنة خمس ومائتين، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى.
والحديث مضى في كتاب الشرب في: باب فضل سقي الماء، فإنه أخرجه هناك: عن إسماعيل عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر... إلى آخره.
قوله: (امرأة) لم يدر اسمها، ووقع في رواية: أنها حميرية سوداء طويلة، وفي رواية أخرى: امرأة من بني إسرائيل تعذب في النار، وفي أخرى لم يقل: من بني إسرائيل، ولا تنافي بينهما، لأن طائفة من حمير كانوا من بني إسرائيل. وفي (التوضيح): يجوز أن تكون هذه المرأة كافرة، لكن ظاهر الحديث إسلامها، وعذبت على إصرارها على ذلك وليس في الحديث تخليدها، وروى الحافظ أبو نعيم في (تاريخ أصبهان): أنها كانت كافرة، وكذلك رواه البيهقي في البعث والنشور عن عائشة، فيكون من جملة استحقاقها النار حبس الهرة، وعن القاضي: فيه احتمال. قوله: (في هرة)، كلمة: في، للتعليل، أي: لأجل هرة، وفي رواية مسلم عن أبي هريرة من جراء هرة، بفتح الجيم وتشديد الراء بالقصر والمد. أي: من أجل هرة، والهرة أنثى، والهر والسنور الذكر، ويجمع على: هررة كقرد وقردة، والهرة على هرر كقربة وقرب. قوله: (من خشاش الأرض) بفتح الخاء وكسرها وضمها وبالشين المعجمتين وفي الحشرات.
وفيه: جواز اتخاذ الهرة ورباطها إذا لم يهمل إطعامها وسقيها، ويلحق بها غيرها مما في معناها، وإنما يجب إطعامها على من حبسها، قاله القرطبي. قال النووي: وفيه: وجوب نفقة الحيوان على مالكه، قال بعضهم: فيه نظر، لأنه ليس في الخبر أنها ملكتها. قلت: في قوله: هرة لها، يدل على ما قاله النووي، ويدل أيضا على أن الهرة تملك، خلافا لهذا القائل، فإنه قال: الهرة لا تملك، لأن اللام في: هرة لها، تدل على التمليك، ويرد على هذا القائل.
وقال وحدثنا عبيد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أي: قال عبد الأعلى: حدثنا عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل الحديث المذكور،
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»