أن يكون بذراع نفسه، والأول أشهر. وقال القرطبي: إن الله تعالى يعيد أهل الجنة إلى خلقه أصلهم الذي هو آدم، عليه الصلاة والسلام، وعلى صفته وطوله الذي خلقة الله عليه في الجنة، وكان طوله فيها ستين ذراعا في الارتفاع بذارع نفسه، قال: ويحتمل أن يكون هذا الذراع مقدرا بأذرعتنا المتعارفة عندنا، وقيل: إنه كان يقارب أعلاه السماء، وأن الملائكة كانت تتأذى بنفسه، فخفضه الله إلى ستين ذراعا، وظاهر الحديث خلافه. وروى ابن جرير من حديث عطاء بن أبي رباح، قال: لما خلق الله آدم في الجنة كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم ويأنس إليهم، فهابته الملائكة حتى شكت إلى الله ذلك في دعائها، فخفضه الله إلى الأرض، وقاله قتادة وأبو صالح عن ابن عباس وأبو يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس. وأخرجه ابن أبي شيبة في (كتاب العرش) من حديث طلحة بن عمرو الحضرمي عن ابن عباس. وروى أحمد من حديث سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا: (كان طول آدم ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا)، وروى ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن أبي بن كعب، رضي الله تعالى عنه: أن الله تعالى خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق. قوله: (إذهب فسلم) هو أول مشروعية السلام، وهو دال على أن تأكده وإفشاءه سبب للمحبة الدينية ودخول الجنة العلية، وقد قيل بوجوبه. حكاه القرطبي، ويؤخذ منه أن الوارد على جلوس يسلم عليهم، والأفضل تعريفه، فإن نكره جاز وفيه الزيادة في الرد على الابتداء، ولا يشترط في الرد والإتيان بالواو. قوله: (ما يحيونك)، من التحية، ويروى: ما يجيبونك، من الإجابة. قوله: (تحيتك) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه تحيتك وتحية ذريتك من بعدك. قوله: (فكل من يدخل الجنة على صورة آدم صلى الله عليه وسلم)، أي: كل من يرزقه الله تعالى دخول الجنة يدخلها وهو على صورة آدم في الحسن والجمال، ولا يدخل على صورته التي كان عليها من السواد إن كان من أهل الدنيا السود، ولا يدخل أيضا على صورته التي كان عليها يوصف من العاهات والنقائص. قوله: (فلم يزل الخلق ينقص)، أي: من طوله، أراد أن كل قرن يكون وجوده أقصر من القرن الذي قبله، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك، وهو معنى قوله: (حتى الآن).
7233 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاعة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة الأنجوج عود الطيب وأزواجهم الحور العين على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء.
مطابقته للترجمة في قوله: (على صورة أبيهم). وجرير، بفتح الجيم: هو ابن عبد الحميد، وعمارة، بضم العين: هو ابن القعقاع، وأبو زرعة، بضم الزاي وسكون الراء: واسمه هرم، وقيل: عبيد الله، وقيل: عبد الرحمن البجلي الكوفي.
ومضى الحديث في: باب ما جاء في صفة أهل الجنة، فإنه أخرجه هناك من طريقين: أحدهما: عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، والآخر: عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي عمرة عن أبي هريرة. وفي حديث الباب: ولا يتفلون، موضع: ولا يبصقون، في الحديث الماضي، وفيه الزيادة، وهي قوله: (الأنجوج عود الطيب) الأنجوج، بفتح الهمزة وسكون النون وضم الجيم وفي آخره جيم آخر، وفي رواية أبي ذر: ويقال: الألنجوج، بفتح الهمزة وفتح اللام وسكون النون، والباقي مثله. وقال الكرماني: وفيه لغتان أخريان: النجج ويلنجج، فلفظ الأنجوج تفسير الألوة. وقوله: (عود الطيب) تفسير الأنجوج، فيكون هو تفسير التفسير، وقد ذكرنا: أن الألوة، بفتح الهمزة وضمها وضم اللام وتشديد الواو المفتوحة. قوله: (على خلق رجل واحد)، بضم الخاء وفتحها، وهو خبر مبتدأ محذوف، أي: هم على خلق رجل واحد. قوله: (على صورة أبيهم آدم) قال في الأول: على صورة القمر، والتوفيق بينهما بأن يقال: الكل على صورة آدم في الطول والخلقة وبعضهم في الحسن كصورة القمر نورا وإشراقا. قوله: (في السماء) أي: في العلو والارتفاع، ويسمى كل ما علاك سماء.