عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٩٧
والفاء من الإجافة، يقال: أجفت الباب، أي: رددته. وقال القزاز: تقول جفأت الباب أغلقته، وقال ابن التين: لم أر من ذكره هكذا غيره، وفيه نظر، فإن أجيفوا لامه فاء، وجفأت لامه همزة. قلت: معنى جفأت، مهموز اللام: فرغت، يقال: جفأت القدر إذا فرغته. وفي حديث جبير: أنه حرم الحمر الأهلية فجفؤا القدور: أي فرغوها وقلبوها، وروى: فأجفئوا، قال ابن الأثير: وهي لغة فيه قليلة. وقال الجوهري: جفأت القدر إذا كفأتها أو أملتها فصببت ما فيها، ولا تقل: أجفأتها، وأما الذي في حديث: فأجفأوا قدورهم بما فيها، فهي لغة مجهولة. انتهى، والذي في الحديث ذكره ابن الأثير في: باب أجوف معتل العين بالواو، ثم قال: وفي حديث الحج أنه دخل البيت وأجاف الباب أي: رده عليه، ومنه الحديث: (أجيفوا أبوابكم) أي: ردوها. قوله: (وأكفتوا) بهمزة الوصل أي: ضموا صبيانكم عند العشاء وامنعوهم من الحركة في ذلك الوقت، من كفت الشيء أكفته كفتا من باب ضرب يضرب إذا ضممته إلى نفسك. قوله: (عند العشاء)، ويروى: (عند المساء)، وفي الرواية المتقدمة: (إذا جنح الليل أو إذا أمسيتم فكفوا صبيانكم). قوله: (وخطفة)، بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة وبالفاء: وهو استلاب الشيء وأخذه بسرعة، يقال: خطف الشيء يخطفه من باب علم، وكذا اختطفه يختطفه، ويقال فيه: خطف يخطف من باب ضرب يضرب، وهو قليل. قوله: (عند الرقاد)، أي: عند النوم. قوله: (فإن الفويسقة) أي: الفأرة. قوله: (اجترت)، بالجيم وتشديد الراء، وفي رواية الإسماعيلي: ربما جرت، وبقية الكلام فيه مرت في: باب صفة الشيطان.
قال ابن جريج وحبيب عن عطاء فإن للشيطان أي: قال عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وحبيب بن أبي قريبة أبو محمد المعلم البصري، أراد أنهما رويا هذا الحديث عن عطاء بن أبي رباح، كما في رواية ابن شنظير، إلا أنهما قالا: فإن للشيطان، بدل قول كثير بن شنظير: فإن للجن، والتوفيق بين الروايتين بأن يقال: لا محذور في القول بانتشار الصنفين، وقيل: هما حقيقة واحدة يختلفان بالصفات.
أما تعليق ابن جريج فقد وصله البخاري في أول هذا الباب. وأما تعليق حبيب فقد وصله أحمد وأبو يعلى من رواية حماد بن سلمة عن حبيب المذكور.
7133 حدثنا عبدة بن عبد الله قال أخبرنا يحيى بن آدم عن إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار فنزلت والمرسلات عرفا فإنا لنتلقاها من فيه إذ خرجت حية من جحرها فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا فدخلت جحرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيت شركم كما وقيتم شرها..
عبدة ضد الحرة ابن عبد الله أبو سهل الصفار الخزاعي البصري، ويحيى بن آدم بن سليمان القرشي المخزومي الكوفي صاحب الثوري، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، وإبراهيم النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي عم الأسود بن يزيد وعم أم إبراهيم، وعبد الله هو ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن محمود بن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل به. وأخرجه النسائي في التفسير عن أحمد بن سليمان عن يحيى بن آدم به، وقد مر في كتاب الحج في: باب ما يقتل المحرم من الدواب فإنه أخرجه هناك: عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم..
قوله: (وقيت)، على صيغة المجهول من: وقى يقي وقاية. إذا حفظ. فإن قلت: كان قتلهم لها خيرا لأنه مأمور به. قلت: هو شر بالنسبة إليها، والخيور والشرور من الأمور الإضافية.
وعن إسرائيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مثله قال وإنا لنتلقاها من فيه رطبة أشار بهذا إلى أن إسرائيل المذكور، كما روى الحديث عن منصور عن إبراهيم، فكذلك رواه عن سليمان الأعمش عن
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»