جعلوه. قوله: * (ولقد علمت الجنة إنهم) * (الصافات: 851). أي: إن قائلي هذا القول * (لمحضرون) * (الصافات: 851). في النار، وإذا فسرت الجنة بالشياطين يجوز أن يكون الضمير في: إنهم، للشياطين، والمعنى: ولقد علمت الشياطين إنهم لمحضرون يعني: أن الله يحضرهم في النار ويعذبهم. قوله: * (جند محضرون) * (ي 1764; س: 57). هذا في آخر سورة يس، ولا تعلق له بالجن، لكن ذكر لمناسبة الإحضار للحساب، وأول الآية * (واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون) * (ي 1764; س: 57). أشار الله تعالى بهذه الآية إلى زيادة ضلالهم ونهايتها، فإنه كان الواجب عليهم عبادة الله شكرا لأنعمه فكفروها، وأقبلوا على عبادة من لا يضرهم ولا ينفعهم لعلهم ينصرون، أي: ليمنعهم من عذاب الله، ولا يكون ذلك ولا يستطيعون نصرهم، أي: خاب أملهم، والأمر على خلاف ما توهموا وتوقعوا، وهم لهم جند محضرون لعذابهم لأنهم مع أوثانهم في النار، فلا يدفع بعضهم عن بعض النار لأنهم يجعلون وقود النار. وقال الكرماني: ويحتمل أن يقال: لفظ: آلهة، في الآية متناول للجن لأنهم أيضا اتخذوهم معابيد، والله أعلم. قلت: كأنه أشار بهذا إلى وجه مناسبة ذكر قوله: * (جند محضرون) * (يس: 57). ههنا بما ذكره هو، وقال بعضهم: وقع في رواية الكشميهني: (جند محضر)، بالإفراد. قلت: الصواب: محضرون، لأن القرآن هكذا.
31 ((باب قول الله جل وعز: * (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) * إلى قوله * (أولئك في ضلال مبين) * (الأحقاف: 92 23).)) أي: هذا باب في بيان تفسير قوله تعالى: * (وإذ صرفنا) * (الأحقاف: 92 23). فعن قريب نذكر تفسير: صرفنا، وتمام الآية وما بعدها إلى قوله: * (أولئك في ضلال مبين) * (الأحقاف: 92 23). هو قوله تعالى: * (يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين) * (الأحقاف: 92 23). وإنما ذكر بعض هذه الآية ثم قال إلى قوله أولئك في ضلال مبين إشارة إلى أموره الأول فيه دلالة على وجود الجن. الثاني: أشار به إلى أن في الجن مؤمنين. الثالث: أشار به إلى أن المؤمنين منهم لهم الثواب والكافرين منهم عليهم العقاب. قوله: (وإذ صرفنا)، العامل في: وإذ، محذوف تقديره: واذكر حين صرفنا إليك، ونذكر معنى: صرفنا، حين ذكره البخاري عن قريب، قال المفسرون: لما بين الله تعالى أن الإنس منهم من آمن ومنهم من كفر، بين أن الجن أيضا منهم من آمن ومنهم من كفر، وأن مؤمنهم معرض للثواب وأن كافرهم معرض للعقاب. قوله: (نفرا) مفعول: صرفنا، والنفر دون العشرة، وملاقاة هؤلاء الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من الطائف راجعا إلى مكة حين يئس من خبر ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي، فمر به نفر من جن أهل نصيبين، وكان سبب ذلك أن الجن كانت تسترق السمع، فلما