عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٩٢
قريش عن علي بن عبد الله وفي المغازي عن عبد الله بن محمد وأخرجه مسلم في الإيمان عن أبي بكر عن أبي أسامة وعن محمد بن عبد الله بن نمير وعن أبي كريب وعن يحيى بن حبيب (ذكر معناه) قوله ' أشار رسول الله بيده نحو اليمن ' لأنه كان بتبوك وقال هذا القول وأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة يومئذ بينه وبين اليمن وقيل قال هذا القول وكان بالمدينة لأن كونها هو الغالب عليه وعلى هذا تكون الإشارة إلى سياق أهل اليمن وقال النووي أشار إلى اليمن وهو يريد مكة والمدينة ونسبهما إلى اليمن لكونهما من ناحيته قوله ' الإيمان يمان ' إنما قال ذلك لأن الإيمان بدأ من مكة وهي من تهامة وتهامة من أرض اليمن ولهذا يقال الكعبة اليمانية وقيل إنما قال هذا القول للأنصار لأنهم يمانون وهم نصروا الإيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم وهذا غريب وأغرب منه قول الحكيم الترمذي أنه إشارة إلى أويس القرني وقيل سبب الثناء على أهل اليمن إسراعهم إلى الإيمان وحسن قبولهم للبشرى حين لم يقبلها بنو تميم وفي رواية أتاكم أهل اليمن ألين قلوبا وأرق أفئدة يريد بلين القلوب سرعة خلوص الإيمان في قلوبهم ويقال الفؤاد غشاء القلب والقلب جثته وسويداؤه فإذا رق الغشاء أسرع نفوذ الشيء إلى ما وراءه وقال أبو عبيد إنما بدأ الإيمان من مكة لأنها مولده ومبعثه ثم هاجر إلى المدينة ويقال أن مكة من أرض تهامة وتهامة من أرض اليمن ولهذا سمى مكة وما وليها من أرض اليمن تهائم فمكة على هذا يمانية فإن قلت الإيمان يمان مبتدأ وخبر فكيف يصح حمل اليمان عليه قلت أصله الإيمان يماني بياء النسبة فحذفوا الياء للتخفيف كما قالوا تهامون وأشعرون وسعدون قوله ' ألا إن القسوة وغلظ القلوب ' قال السهيلي إنهما لمسمى واحد كقوله ' إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ' البث هو الحزن وقال القرطبي القسوة يراد بها أن تلك القلوب لا تلين ولا تخشع لموعظة وغلظها عدم فهمها وقد مضى تفسير الفدادين قوله ' عند أصول أذناب الإبل ' أي أنهم يبعدون عن الأنصار فيجهلون معالم دينهم قاله الداودي قوله ' حيث يطلع قرنا الشيطان ' أي جانبا رأسه وقال الخطابي ضرب المثل بقرني الشيطان فيما لا يحمد من الأمور والمراد بذلك اختصاص المشرق بمزيد تسلط من الشيطان ومن الكفر قوله ' في ربيعة ومضر ' يتعلق بقوله في الفدادين أي المصوتين عند أذناب الإبل وهو في جهة المشرق حيث هو مسكن هاتين القبيلتين ربيعة ومضر قال الكرماني يحتمل أن يكون في ربيعة ومضر بدلا من الفدادين وعبر عن المشرق بقوله حيث يطلع قرنا الشيطان وذلك أن الشيطان ينتصب في محاذاة مطلع الشمس حتى إذا طلعت كانت بين قرني رأسه أي جانبيه فتقع السجدة حين تسجد عبدة الشمس لها 104 - (حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا) جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة القرشي من أهل مصر يروي عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة وهذا الحديث أخرجه الأئمة الخمسة عن شيخ واحد وهو قتيبة بن سعيد فالبخاري هنا عن قتيبة عن الليث بن سعد ومسلم عنه في الدعوات وأبو داود عنه في الأدب والترمذي عنه في الدعوات والنسائي عنه في التفسير وفي اليوم والليلة الكل عن قتيبة عن الليث قوله ' الديكة ' بكسر الدال المهملة وفتح الياء آخر الحروف جمع ديك ويجمع في القلة على أدياك وفي الكثرة على ديوك وديكة وأرض مداكة ومديكة كثيرة الديوك وقال ابن سيده الديك ذكر الدجاج وعن الداودي وقد يسمى الديك دجاجة والدجاجة تقع على الذكر والأنثى قوله ' فإنها رأت ملكا ' بفتح اللام فلذلك أمر بالدعاء عند صياحها لتؤمن الملائكة على ذلك وتستغفر له وتشهد له بالتضرع والإخلاص فيوافق الدعوات فتقع الإجابة ومنها يؤخذ استحباب الدعاء عند حضور الصالحين وفي صحيح ابن حبان ' لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة '
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»