عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٦٣
ونحاس الصفر يصب على رؤوسهم أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس) * (الرحمن: 53). وفسر النحاس بالصفر يصب على رؤوس أهل النار من الكفار، وأخرج عبد بن حميد من طريق منصور عن مجاهد في قوله تعالى: * (يرسل عليكما شواظ من نار) * (الرحمن: 53). قال: قطعة من نار حمراء، و: نحاس، قال: يذاب الصفر فيصب على رؤوسهم. قلت: الصفر بالضم النحاس الجيد الذي يعمل منه الآنية.
ذوقوا باشروا وجربوا وليس هاذا من ذوق الفم أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (وذوقوا عذاب الحريق) * (الأنفال: 52 والحج: 22). وفسره بقوله: باشروا... إلى آخره وغرضه أن الذوق هنا بمعنى المباشرة والتجربة لا بمعنى ذوق الفم، وهذا من المجاز أن يستعمل الذوق وهو مما يتعلق بالأجسام في المعاني كما في قوله تعالى أيضا: * (فذاقوا وبال أمرهم) * (الحشر: 51).
مارج خالص من النار مرج الأمير رعيته إذا خلاهم يعدو بعضهم على بعض مريج ملتبس مرج أمر الناس اختلط مرج البحرين مرجت دابتك تركتها أشار بقوله: مارج، إلى ما في قوله تعالى: * (وخلق الجان من مارج من نار) * (الرحمان: 51). ثم فسره بقوله: خالص من النار، وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: * (وخلق الجان من مارج من نار) * (الرحمن: 51). ما من خالص النار، ومن طريق الضحاك عن ابن عباس، قال: خلقت الجن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهب. قوله: (مرج الأمير رعيته) يعني: تركهم حتى يظلم بعضهم بعضا. قوله: (مريج) أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (في أمر مريج) * (ق: 5). وفسره بقوله: ملتبس، ومنه قولهم: مرج أمر الناس، بكسر الراء، إذا اختلط، وأما مرج بالفتح فمعناه: ترك وخلي ومنه قوله تعالى: * (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) * (الرحمن: 91 02). أي: خلاهما لا يلتبس أحدهما بالآخر، وفي (تفسير النسفي): مرج البحرين، يعني: أرسل البحرين العذب والملح متجاورين يلتقيان لا فضل بين الماءين في مرأى العين، بينهما برزخ حاجز وحائل من قدرة الله تعالى، وحكمته لا يبغيان لا يتجاوان حديهما، ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة، ولا يختلطان ولا يتغيران. وقال قتادة: لا يطغيان على الناس بالغرق وقال الحسن مرج البحرين يعني بحر الروم وبحر الهند وقال قتادة بحر فارس والروم، بينهما برزخ: وهي الجزائر، وقال مجاهد والضحاك: يعني بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان كل عام. قوله: (مرجت دابتك) بفتح الراء معناه: تركتها. وفي (الصحاح): مرجت الدابة أمرجها بالضم مرجا: إذا أرسلتها ترعى.
8523 حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن قال سمعت زيد بن وهب يقول سمعت أبا ذر رضي الله تعالى عنه يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال أبرد ثم قال أبرد حتى فاء الفيء يعني للتلول ثم قال أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم.
مطابقته للترجمة في قوله: (من فيح جهنم) وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، و: مهاجر، بلفظ اسم الفاعل من هاجر: أبو الحسن الصائغ يعد في الكوفيين، وزيد بن وهب أبو سليمان الهمداني الكوفي، خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق، وأبو ذر جندب بن جنادة، والحديث مضى في كتاب الصلاة في: باب الإبراد بالظهر في شدة الحر. قوله: (حتى فاء الفيء) يعني: حتى وقع الظل تحت التلول.
9523 حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن ذكوان عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم. (انظر الحديث 8354).
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»