عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٦٥
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد حم، فأمر بسقاء يعلق على شجرة ثم اضطجع بجنبه، فجعل يقطر الماء على فؤاده، فقلت: ادع الله أن يكشف عنك. فقال: (إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم). وعن طارق بن شهاب: سمعت أسامة يقول: قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ائتني في وجه الصبح بماء أصبه علي لعلي أجد خفافا فأخرج إلى الصلاة، وروى الأنصاري من حديث إسماعيل بن الحسن المكي عن الحسن عن سمرة مرفوعا: (الحمى قطعة من النار)، إذا حم دعا بغرفة من ماء فأفرغها على قرنه فاغتسل، وصححه الحاكم، وروى ابن ماجة من حديث الحسن عن أبي هريرة مرفوعا: الحمى كير من كير جهنم فنحوها عنكم بالماء البارد، وروى الطحاوي من حديث أنس مرفوعا: (إذا حم أحدكم فليستق عليه الماء البارد من السحر ثلاثا)، وصححه الحاكم.
5623 حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قيل يا رسول الله إن كانت لكافية قال فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان. والأعرج عبد الرحمن بن هرمز.
قوله: (ناركم) مبتدأ. وقوله: (جزء من سبعين جزءا) خبره، وكلمة: من، في (من نار جهنم) للتبيين، وفي معنى التبعيض أيضا، وفي رواية مسلم: (ناركم جزء واحد من سبعين جزءا)، وفي رواية أحمد: من مائة جزء والجمع بينهما أن الحكم للزائد وروى ابن ماجة من حديث أنس مرفوعا (ناركم هذه جزء من سبعين جزءا (من نار جهنم، ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها، وأنها لتدعو الله عز وجل، أن لا يعيدها فيها). وذكر ابن عيينة في (جامعه) من حديث ابن عباس: (هذه النار قد ضرب بها البحر سبع مرات، ولولا ذلك ما انتفع بها أحد)، وعن ابن مسعود: (ضرب بها البحر عشر مرات)، وسئل ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أيضا عن نار الدنيا: مم خلقت؟ قال: من نار جهنم، غير أنها طفئت بالماء سبعين مرة، ولولا ذلك ما قربت لأنها من نار جهنم، ومعنى قوله: جزء من سبعين جزءا، أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها الآدميون لكانت جزءا من أجزاء نار جهنم المذكورة، بيانه: لو جمع حطب الدنيا وأوقد كله حتى صارت نارا لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءا أشد منه. قوله: (إن كانت لكافية)، كلمة: إن، هذه مخففة من الثقيلة عند البصريين، وهذه اللام هي المفرقة بين إن، النافية، وأن، المخففة من الثقيلة، والمعنى: إن نار الدنيا كانت كافية لتعذيب الجهنميين، وهي عند الكوفيين بمعنى: ما، واللام بمعنى: الا، تقديره عندهم: ما كانت إلا كافية. قوله: (قال)، أي: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في جوابهم بأن نار جهنم (فضلت عليها) أي: على نار الدنيا، ويروى: عليهن، كما فضلت عليها في المقدار والعدد بتسعة وستين جزءا فضلت عليها في الحر بتسعة وستين جزءا. وقال الطيبي: فإن قلت: كيف طابق لفظ: فضلت وعليهن جوابا، وقد علم هذا التفضيل من كلامه السابق؟ قلت: معناه: المنع من الكفاية أي: لا بد من التفضيل ليتميز عذاب الله من عذاب الخلق، وروى ابن المبارك عن معمر عن محمد بن المنذر قال لما خلقت النار فزعت الملائكة وطارت أفئدتهم ولما خلق آدم عليه الصلاة والسلام سكن ذلك عنهم، وقال ميمون بن مهران: لما خلق الله جهنم أمرها فزفرت زفرة فلم يبق في السماوات السبع ملك إلا خر على وجهه، فقال لهم الرب: إرفعوا رؤوسكم، أما علمتم أني خلقتكم للطاعة وهذه خلقتها لأهل المعصية؟ قالوا: ربنا لا نأمنها حتى نرى أهلها، فذلك قوله تعالى: * (وهم من خشية ربهم مشفقون) * (المؤمنون: 75). وعن عبد الله بن عمر مرفوعا: (إن تحت البحر نارا)، قال عبد الله: البحر طبق جهنم، ذكره ابن عبد البر وضعفه، وفي (تفسير ابن النقيب) في قوله تعالى: * (يوم تبدل الأرض) * (إبراهيم: 84). تجعل الأرض جهنم، والسماوات الجنة.
6623 حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا سفيان عن عمر و قال سمع عطاء يخبر عن صفوان بن يعلى عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر ونادو يامالك..
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»