في رواية الأكثرين: الغسق، بفتحتين وفي رواية أبي ذر: الغسيق على وزن: فعيل، وقد تردد البخاري في كون الغساق والغسق واحدا، وليس بواحد. فإن الغساق ما ذكرناه من المعاني، والغسق: الظلمة، يقال: غسق يغسق غسوقا فهو غاسق: إذا أظلم، وأغسق مثله.
غسلين كل شيء غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين فعلين من الغسل من الجرح والدبر أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (ولا طعام إلا من غسلين) * (الحاقة: 63). وقد فسره بقوله: كل شيء... إلى آخره، وهكذا قال أبو عبيدة، وقد روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: الغسلين صديد أهل النار. قوله: (فعلين)، أي: وزن غسلين فعلين، والنون والياء فيه زائدتان. قوله: (والدبر)، بفتح الباء الموحدة، وهو ما يصيب الإبل من الجراحات. فإن قلت: بين هذه الآية، وبين قوله تعالى: * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) * (الغاشية: 6). معارضة ظاهرا. قلت: جمع بينهما بأن الضريع من الغسلين، أو هم طائفتان: فطائفة يجازون بالطعام من غسلين بحسب استحقاقهم لذلك، وطائفة يجازون بالطعام من ضريع، كذلك، والله أعلم.
وقال عكرمة حصب جهنم حطب بالحبشية: وقال غيره حاصبا الريح العاصف والحاصب ما ترمي به الريح ومنه حصب جهنم يرمى به في جهنم هم حصبها ويقال حصب في الأرض ذهب والحصب مشتق من حصباء الحجارة تعليق عكرمة وصله ابن أبي حاتم من طريق عبد الملك بن أبجر: سمعت عكرمة بهذا... وأخرجه ابن أبي عاصم عن ابني سعيد الأشج: حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن أبجر سمعت عكرمة، وقال ابن عرفة: إن كان أراد بها حبشية الأصل سمعتها العرب فتكلمت بها فصارت حينئذ عربية، وإلا فليس في القرآن غير العربية، وقال الخليل: حصب ما هيء للوقود من الحطب، فإن لم يهيأ لذلك فليس بحصب، وروى الفراء عن علي وعائشة، رضي الله تعالى عنهما، أنهما قرآها: (حطب)، بالطاء وروى الطبري عن ابن عباس أنه قرأها بالضاد المعجمة، قال: وكأنه أراد أنهم الذين تسجر بهم النار، لأن كل شيء هيجت به النار فهو حصب. قوله: (وقال غيره)، أي: غير عكرمة: حاصبا، أي: في قوله تعالى: * (أو يرسل عليكم حاصبا) * (الإسراء: 86). هو الريح العاصف الشديد، كذا فسره أبو عبيدة. قوله: (والحاصب) ما ترمى به الريح، لأن الحصب الرمي، ومنه: حصب جهنم يرمى به فيها، ويقال: الحاصب العذاب. قوله: (هم حصبها)، أي: أهل النار حصب جهنم، وهو مشتق من حصبهاء الحجارة، وهي الحصى. قال الجوهري: الحصباء الحصى وحصبت الرجل أحصبه بالكسر، أي: رميته بالحصباء.
صديد قيح ودم أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (ويسقى من ماء صديد) * (إبراهيم: 61). وفسره: بالقيح والدم، وكذا فسره أبو عبيدة.
خبت طفئت أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (كلما خبت) * (الإسراء: 79). وفسره بقوله: طفئت، بفتح الطاء وكسر الفاء، يقال: طفئت النار تطفأ طفأ، وهو من باب: علم يعلم من المهموز، وانطفأت، وأنا أطفأتها. وقال أبو عبيدة: يقولون للنار إذا سكن لهبها وعلا الجمر رماد: خبت، فإن طفىء معظم الجمر يقال: خمدت، وإن طفىء كله يقال: همدت.
تورون تستخرجون: أوريت أوقدت أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (أفرأيتم النار التي تورون) * (الواقعة: 17). وفسرها بقوله: تستخرجون، وأصله من: ورى الزند، بالفتح يري وريا: إذا خرجت ناره، وفيه لغة أخرى: وري الزند يري، بالكسر فيهما، وأوريته أنا، وكذلك: وريته تورية، وأصل