سعيدا وتصريح سماعه منه الحديث المذكور، وقال بعضهم: وقد لقي عروة من هو أقدم من سعيد كوالده الزبير وعلي وغيرهما، قلت: لا يلزم من ذلك ملاقاته سعيدا من هذا الوجه.
3 ((باب في النجوم)) أي: هذا باب في بيان ما جاء في النجوم.
وقال قتادة * (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) * (الملك: 5). خلق هذه النجوم لثلاث جعلها زينة للسماء ورحوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به هذا التعليق وصله عبد بن حميد في تفسيره عن يونس عن سفيان عنه وزاد في آخره: وأن ناسا جهلة بأمر الله قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة من غرس بنجم كذا كان كذا، ومن سافر بنجم كذا كان كذا، ولعمري ما من النجوم نجم إلا ويولد به الطويل والقصير والأحمر والأبيض والحسن والدميم، وقال الداودي: قول قتادة في النجوم حسن إلا قوله: أخطأ وأضاع نصيبه، فإنه قصر في ذلك بل قائل ذلك كافر. انتهى. ورد عليه بأنه لم يتعين الكفر في ذلك إلا في حق من نسب الاختراع إلى النجوم، وفي (ذم النجوم) للخطيب البغدادي من حديث إسماعيل بن عياش عن البحتري بن عبيد الله عن أبيه عن أبي ذر عن عمر مرفوعا: لا تسألوا عن النجوم. ومن حديث عبد الله بن موسى عن الربيع بن حبيب عن نوفل بن عبد الملك عن أبيه عن علي، رضي الله تعالى عنه: نهاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن النظر في النجوم. وعن أبي هريرة وابن مسعود وعائشة وابن عباس نحوه. وعن الحسن: أن قيصر سأل قس بن ساعدة الأيادي: هل نظرت في النجوم؟ قال: نعم نظرت فيما يراد به الهداية ولم أنظر فيما يراد به الكهانة. وفي (كتاب الأنواء) لأبي حنيفة: المنكر في الذم من النجوم نسبة الأمر إلى الكواكب وأنها هي المؤثرة، وأما من نسب التأثير إلى خالقها وزعم أنه نصبها أعلاما وصيرها آثارا لما يحدثه فلا جناح عليه.
وقال ابن عباس هشيما متغيرا أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (فأصبح هشيما تذروه الرياح) * (الكهف: 54). وفسر ابن عباس ورأبة: هشيما، بقوله: متغيرا، ذكره إسماعيل ابن أبي زياد في تفسيره عن ابن عباس، وقد جرت عادة البخاري أنه إذا ذكر آية أو حديثا في الترجمة ونحوها يذكر أيضا بالتبعية على سبيل الاستطراد ماله أدنى ملابسة بها تكثيرا للفائدة.
والأب ما يأكل الأنعام أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (وحدائق غلبا وفاكهة وأبا) * (عبس: 03، 13). وهذا أيضا تفسير ابن عباس أيضا، ووصله ابن أبي حاتم من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عنه قال الأب ما أنبته الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس ومن طريق عطاء والضحاك الأب كل شيء ينبت على وجه الأرض وزاد الضحاك إلا الفاكهة.
والأنام الخلق أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (والأرض وضعها للأنام) * فسر الأنام بقوله الخلق وهذا تفسير ابن عباس أيضا رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه في الآية المذكورة، والمراد بالخلق: المخلوق، وروى من طريق سماك عن عكرمة قال: الأنام الناس، ومن طريق الحسن قال: الجن والإنس. وقال الشعبي: هو كل ذي روح.
برزخ حاجب أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (بينهما برزخ لا يبغيان) * (الرحمان: 02). فسره بقوله: حاجب يعني: حاجب بين البحرين لا يختلطان، وهذا أيضا