عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١١٨
أشار به إلى قوله تعالى: * (والقمر إذا اتسق) * (الانشقاق: 81). فسره بقوله: استوى، وصله عبد بن حميد أيضا من طريق منصور عنه، وأصل اتسق أو تسق قلبت الواو تاء وأدغمت التاء في التاء أي: تجمع ضوؤه، وذلك في الليالي البيض.
بروجا منازل الشمس والقمر أشار به إلى قوله تعالى: * (تبارك الذي جعل في السماء بروجا) * (الفرقان: 16). وفسر البروج بالمنازل أي: منازل الشمس والقمر. وروى الطبري من طريق مجاهد، قال: البروج الكواكب، ومن طريق أبي صالح قال: هي النجوم الكبار، وقيل: هي قصور في السماء، رواه عبد بن حميد من طريق يحيى بن رافع، ومن طريق قتادة قال: هي قصور على أبواب السماء فيها الحرس، وعند أهل الهيئة: البروج غير المنازل، فالبروج اثنا عشر، والمنازل ثمانية وعشرون، فكل برج عبارة عن منزلتين، وثلث منها، وبهذا يحصل الجواب عما قيل: كيف يفسر البروج بالمنازل والبروج اثنا عشر والمنازل ثمانية وعشرون؟ أو المراد بالمنازل معناها اللغوي لا التي عليه أهل التنجيم.
الحرور بالنهار مع الشمس أشار بهذا إلى قوله تعالى: * (ولا الظل ولا الحرور) * (فاطر: 12). وفسر الحرور بأنه يكون بالنهار مع الشمس، كذا روي عن أبي عبيدة، وقال الفراء: الحرور الحر الدائم ليلا كان أو نهارا، والسموم بالنهار خاصة.
وقال ابن عباس ورؤبة: الحرور بالليل والسموم بالنهار رؤبة بضم الراء ابن العجاج، اسمه عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر بن كنيف بن عميرة بن حيي بن ربيعة بن سعد ابن مالك بن سعد التميمي السعدي من سعد تميم البصري هو وأبوه راجزان مشهوران عالمان باللغة، وهما من الطبقة التاسعة من رجال الإسلام، وتفسير رؤبة هذا ذكره أبو عبيد عنه في (المجاز) وقال السدي: المراد بالظل والحرور في الآية الجنة والنار أخرجه ابن أبي حاتم عنه.
يقال يولج يكور أشار به إلى قوله تعالى: * (يولج الليل في النهار) * (الحج: 162، لقمان: 92، فاطر: 312، الحديد: 6). وفسره بقوله: يكور، وقال بعضهم: يكور كذا، يعني بالراء في رواية أبي ذر ورأيت في رواية ابن شبويه: يكون، بنون وهو الأشبه. قلت: الأشبه بالراء لأن معنى يكور يلف النهار في الليل. وقال أبو عبيدة: يولج أي ينقص من الليل فيزيد في النهار، وكذلك النهار، وروى عبد بن حميد من طريق مجاهد قال: ما نقص من أحدهما دخل في الآخر يتقاصان ذلك في الساعات.
وليجة كل شيء أدخلته في شيء أشار بهذا إلى لفظ: وليجة، المذكور في قوله تعالى: * (أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) * (التوبة: 61). وقد فسر وليجة بقوله: (كل شيء أدخلته في شيء). قوله: * (أن تتركوا) * (التوبة: 61). أي: أم حسبتم أيها المؤمنون أن نترككم مهملين ولا نختبركم بأمور يظهر فيها أهل العزم والصدق من الكاذب؟ ولهذا قال: * (ولما يعلم الله) * (التوبة: 61). إلى قوله: * (وليجة) * (التوبة: 61). أي: بطانة ودخيلة، بل هم في الظاهر والباطن على النصح لله ولرسوله، فاكتفى بأحد القسمين عن الآخر. وقال المفسرون: الوليجة الخيانة، وقيل: الخديعة، وقيل: البطانة من غير المسلمين وهو أن يتخذ الرجل من المسلمين دخيلا من المشركين يفشون إليهم أسرارهم، وقال ابن قتيبة: كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فإنه وليجة.
9913 حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس أتدري
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»