عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١١٦
تفسير ابن عباس، وحاجب: بالباء الموحدة في قول الأكثرين، وفي رواية المستملي والكشميهني حاجز، بالزاي موضع الباء، من حجز بين الشيئين إذا حال بينهما.
وقال مجاهد ألفافا ملتفة. والغلب الملتفة أشار بهذا إلى ما روي عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: * (وجنات ألفافا) * (النبأ: 61). أي: ملتفة، وصله عنه عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح، ومعنى ملتفة أي: ملتفة بعضها على بعض، وألفاف جمع لف، وقيل: جمع لفيف، وحكى الكسائي أنه جمع الجمع، وقال الطبري: اختلف أهل اللغة في واحد الألفاف، فقال بعض نحاة البصرة: لف، وقال بعض نحاة الكوفة: لف ولفيف، وقال الطبري: إن كان الألفاف جمعا فواحده جمع أيضا، تقول: جنة لف وجنات لف. قوله: (والغلب الملتفة) إشارة إلى ما في قوله تعالى: * (وحدائق غلبا) * (عبس: 03). وفسر الغلب بقوله: الملتفة، وروى ابن أبي حاتم من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس: الحدائق ما التفت، والغلب ما غلظ، وروى من طريق عكرمة عنه: الغلب شجر بالجبل لا يحمل يستظل به.
* (فراشا) * (البقرة: 22). مهادا كقوله * (ولكم في الأرض مستقر) * (البقرة: 63).
أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (وهو الذي جعل لكم الأرض فراشا) * (البقرة: 22). وفسره بقوله: مهادا، وبه فسر قتادة والربيع بن أنس وصله الطبري عنهما. قوله: (كقوله: * (ولكم في الأرض مستقر) * (البقرة: 63). أي: كما في قوله تعالى: * (ولكم في الأرض مستقر) * (البقرة: 63). أي: موضع قرار، وهو بمعنى المهاد.
نكدا قليلا أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: * (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا) * (الأعراف: 85). وفسر النكد بقوله: قليلا، وكذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق السدي، قال: * (لا يخرج إلا نكدا) * (الأعراف: 85). قال: النكد: الشيء القليل الذي لا ينفع. وأخرج ابن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، قال: هذا مثل ضرب للكافر، كالبلد السبخة المالحة التي لا تخرج منها البركة.
4 ((باب صفة الشمس والقمر بحسبان)) أي: هذا باب في بيان تفسير صفة الشمس والقمر بحسبان.
قال مجاهد كحسبان الرحى يعني الشمس والقمر يجريان بحسبان، يعني: بحساب معلوم كجري الرحى، يعني على حساب الحركة الرحوية الدورية وعلى وضعها، والحسبان قد يكون مصدرا، تقول: حسبت حسابا وحسبانا، مثل: الغفران والكفران والرجحان والنقصان والبرهان، وقد يكون جمع الحساب مثل: الشهبان والركبان والقضبان والرهبان، وقول مجاهد وصله الفريابي في (تفسيره) من طريق ابن أبي نجيح عنه.
وقال غيره بحساب ومنازل لا يعدوانها أي: قال غير مجاهد في تفسير الآية المذكورة: إن معناها يجريان بحسبان، أي: بقدر معلوم، ويجريان في منازل لا يعدوانها أي: لا يتجاوزان المنازل، روى ذلك الطبري عن ابن عباس بإسناد صحيح، وروى عبد بن حميد أيضا من طريق أبي مالك الغفاري مثله.
حسبان جماعة حساب مثل شهاب وشهبان قد ذكرنا الآن أن لفظ حسبان قد يكون جمعا، وقد يكون مصدرا.
ضحاها ضوؤها
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»