مطابقته للترجمة في قوله: (لما قضى الله الخلق). ومغيرة، بضم الميم وكسرها.
والحديث أخرجه مسلم في التوبة، والنسائي في النعوت كلهم عن قتيبة.
قوله: (لما قضى الله الخلق)، قال الخطابي: يريد لما خلق الله الخلق كما في قوله تعالى: * (فقضاهن سبع سماوات) * (فصلت: 21). أي: خلقهن، وقال ابن عرفة: قضاء الشئ إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه، وبه سمي القاضي لأنه إذا حكم فقد فرغ مما بين الخصمين. قوله: (كتب في كتابه)، أي: أمر القلم أن يكتب في كتابه وهو اللوح المحفوظ، والمكتوب هو: أن رحمتي غلبت غضبي. قوله: (فهو عنده)، أي: الكتاب عنده، والعندية ليست مكانية بل هو إشارة إلى كمال كونه مكنونا عن الخلق مرفوعا عن حيز إدراكهم. قوله: (فوق العرش)، قال الخطابي: قال بعضهم: معناه دون العرش استعظاما أن يكون شيء من الخلق فوق العرش كما في قوله تعالى: * (بعوضة فما فوقها) * (البقرة: 62). أي: فما دونها أي: أصغر منها، وقال بعضهم: إن لفظ الفوق زائد كما في قوله تعالى: * (فإن كن نساء فوق اثنتين) * (النساء: 11). إذ الثنتان يرثان الثلثين. قلت: في كل منهما نظر، أما الأول ففيه استعمال اللفظ في غير موضعه، وأما الثاني ففيه فساد المعنى، لأن معناه: يكون حينئذ: فهو عنده العرش، وهذا لا يصح، والأحسن أن يقال معنى قوله: فهو عنده فوق العرش أي: علم ذلك عند الله فوق العرش لا ينسخ ولا يبدل، أو ذكر ذلك عند الله فوق العرش، ولا محذور من إضمار لفظ العلم أو الذكر، على أن العرش مخلوق ولا يستحيل أن يمسه كتاب مخلوق، فإن الملائكة حملة العرش حاملونه على كواهلهم، وفيه المماسة فلا محذور أن يكون كتابه فوق العرش. فإن قلت: ما وجه تخصيص هذا بالذكر على ما قلت، مع أن القلم كتب كل شيء؟ قلت: لما فيه من الرجاء الكامل وإظهار أن رحمته وسعت كل شيء، بخلاف غيره. قوله: (أن رحمتي)، بفتح أن على أنها بدل من: كتب، وبكسرها ابتداء كلام يحمي مضمون الكتاب. قوله: (غلبت)، في رواية شعيب عن أبي الزناد في التوحيد: سبقت، بدل: غلبت، والمراد من الغضب معناه الغائي وهو لازمه، وهو إرادة الانتقام ممن يقع عليه الغضب والسبق والغلبة باعتبار التعلق أي: تعلق الرحمة سابق غالب على تعليق الغضب، لأن الرحمة مقتضى ذاته المقدسة، وأما الغضب فإنه متوقف على سابقة عمل من العبد حادث، وبهذا يندفع إشكال من أورد وقوع العذاب قبل الرحمة في بعض المواضع كمن يدخل النار من الموحدين ثم يخرج بالشفاعة أو غيرها، وقيل: الرحمة والغضب من صفات الفعل لا من صفات الذات فلا مانع من تقدم بعض الأفعال على بعض، وقال الطيبي في سبق الرحمة إشارة إلى أن قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب، وأنها تنالهم من غير استحقاق، وأن الغضب لا ينالهم إلا باستحقاق، فالرحمة تشمل الشخص جنينا ورضيعا وفطيما وناشئا قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة ولا يلحقه الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق معه ذلك، والله تعالى أعلم.
2 ((باب ما جاء في سبع أرضين)) هذا باب في بيان ما جاء في وضع سبع أرضين.
وقول الله تعالى * (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما (الطلاق: 21).
وقول الله، بالجر عطفا على قوله: في سبع أرضين. قوله: (الله) مبتدأ. و: الذي خلق، خبره. قوله: (سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) في العدد، قيل: ما في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع: إلا هذه الآية. وقال الداودي: فيه دلالة على أن الأرضين بعضها فوق بعض مثل السماوات ليس بينها فرجة، وحكى ابن التين عن بعضهم: أن الأرض واحدة، قال: وهو مردود بالقرآن والسنة. وروى البيهقي عن أبي الضحى عن مسلم عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: * (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) * (الطلاق: 21). قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوحكم وإبراهيم كإبراهيمكم وعيسى كعيسى، ثم قال: إسناد هذا الحديث عن ابن عباس صحيح، وهو شاذ بمرة لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا. وروى ابن أبي حاتم من طريق محمد عن مجاهد عن ابن عباس، قال: لو حدثتكم بتفسير هذه الآية لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها، وقد روى أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعا، أن بين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وأن سمك كل سماء كذلك، وأن بين كل أرض