36 ((باب صوم يوم الجمعة فإذا أصبح صائما يوم الجمعة فعليه أن يفطر يعني إذا لم يصم قبله ولا يريد أن يصوم بعده)) أي: هذا باب في بيان حكم صوم يوم الجمعة، وحكمه أنه إذا أصبح صائما يوم الجمعة فإن كان صام قبله ولا يريد أن يصوم بعده فليصمه، وإن كان لم يصم قبله ولا يريد أن يصوم بعده فليفطر، لورود النهي عن صوم يوم الجمعة وحده على ما يجيء، عن قريب، إن شاء الله تعالى، ووقع في كثير من الروايات: باب صوم يوم الجمعة، وإذا أصبح صائما يوم الجمعة فعليه أن يصوم، هكذا وقع لا غير، ووقع في رواية أبي ذر وأبي الوقت زيادة، وهي قوله: يعني إذا لم يصم قبله ولا يريد أن يصوم بعده، وقال بعضهم: وهذه الزيادة تشبه أن تكون من الفربري أو من دونه فإنها لم تقع في رواية النسفي عن البخاري، ويبعد أن يعبر البخاري عما يقوله بلفظ: يعني، ولو كان ذلك من كلامه لقال: أعني، بل كان يستغني عنها أصلا. قلت: عدم وقوع هذه الزيادة في رواية النسفي عن البخاري لا يستلزم عدم وقوعها من غيره، سواء كان من الفربري أو من غيره، والظاهر أنها من البخاري. وقوله: يعني، في محله وليس ببعيد، لأنه يوضح المراد من قوله: (وإذا أصبح صائما يوم الجمعة فعليه أن يفطر) فأوضح بقوله: يعني، أن هذا ليس على إطلاقه، وإنما عليه الإفطار إذا لم يصم قبله ولا يريد أن يصوم بعده، فقوله: (وإذا أصبح....) إلى آخره، إذا كان من كلام غيره فلفظ يعني في محله، وإذا كان من كلامه فكأنه جعل هذا لغيره بطريق التجريد، ثم أوضحه بقوله: يعني، فافهم، فإنه دقيق.
4891 حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن محمد بن عباد قال سألت جابرا رضي الله تعالى عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة قال نعم زاد غير أبي عاصم أن ينفرد بصوم.
مطابقته للترجمة من حيث أن صوم يوم الجمعة منفردا مكروه، لأنه منهى عنه، والترجمة تتضمن معنى الحديث.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد. الثاني: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. الثالث: عبد الحميد بن جبير مصغر: الجبر ابن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبد الله الحجبي. الرابع: محمد بن عباد، بفتح العين وتشديد الباء الموحدة: المخزومي. الخامس: جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: السؤال. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: أن رواه ما خلا شيخه مكيون. وفيه: عبد الحميد وهو تابعي صغير روى عن عمته صفية بنت شيبة، قال بعضهم: وهي من صغار الصحابة. قلت: قال ابن الأثير: اختلف في صحبتها. وقال الدارقطني: لا تصح لها رؤية. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي. وفيه: أن عبد الحميد ليس له في البخاري إلا ثلاثة أحاديث، هذا، وآخر في بدء الخلق، وآخر في الأدب. وفيه: رواية ابن جريج عن عبد الحميد. وفي رواية: عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عبد الحميد، وابن جريج، ربما رواه عن محمد بن عباد عن نفسه، ولم يذكر عبد الحميد. كذلك أخرجه النسائي، قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا ابن جريج. قال: (أخبرني محمد بن عباد بن جعفر، قال: قلت لجابر: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يفرد يوم الجمعة بصوم؟ قال: أي ورب الكعبة). وروى النسائي أيضا عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن محمد بن عباد.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم أيضا في الصوم عن عمرو الناقد وعن محمد بن رافع، وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة وعن يوسف بن سعيد وعن عمرو بن علي وعن سليمان بن سالم وعن أحمد بن عثمان. وأخرجه ابن ماجة فيه عن هشام بن عمار.
ذكر معناه: قوله: (سألت جابرا) وفي رواية مسلم: (سألت جابر بن عبد الله وهو يطوف بالبيت، أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة؟ فقال: نعم ورب الكعبة). قوله: (زاد غير أبي عاصم) أي: قال البخاري: زاد غيره من الشيوخ