عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٩٩
النسب، لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن أسد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وأخت أم سليم أم حرام بنت ملحان بن زيد بن خالد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم، وأنكر الحافظ الدمياطي هذا القول، وذكر أن هذه خؤلة بعيدة لا تثبت حرمة ولا تمنع نكاحا. قال: وفي (الصحيح) أنه، صلى الله عليه وسلم، كان لا يدحل على أحد من النساء إلا على أزواجه إلا على أم سليم، فقيل له في ذلك، قال: أرحمها، قتل أخوها حرام معي، فبين تخصيصها بذلك، فلو كان ثمة علة أخرى لذكرها، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهذه العلة مشتركة بينها وبين أختها أم حرام. قال: وليس في الحديث ما يدل على الخلوة بها، فلعله كان ذلك مع ولد أو خادم أو زوج أو تابع، وأيضا فإن قتل حرام كان يوم بئر معونة في صفر سنة أربع، ونزول الحجاب سنة خمس، فلعل دخوله عليها. كان قبل ذلك، وقال القرطبي: يمكن أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم كان لا تستتر منه النساء لأنه كان معصوما، بخلاف غيره. قوله: (فأتته بتمر وسمن) أي: على سبيل الضيافة. قوله: (في سقائه)، بكسر السين: وهو ظرف الماء من الجلد، والجمع أسقية، وربما يجعل فيها السمن والعسل. قوله: (فصلى غير المكتوبة)، يعني: التطوع، وفي رواية أحمد عن ابن أبي عدي عن حميد: (فصلى ركعتين وصلينا معه). وكانت هذه القصة غير القصة التي تقدمت في أبواب الصلاة التي صلى فيها على الحصير وأقام أنسا خلفه وأم سليم من ورائه، ووقع لمسلم من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت: (ثم صلى ركعتين تطوعا فأقام أم حرام وأم سليم خلفنا، وأقامني عن يمينه)، وهذا ظاهر في تعدد القصة من وجهين: أحدهما: أن القصة المتقدمة لا ذكر فيها لأم حرام. والآخر: أنه صلى الله عليه وسلم هنا لم يأكل وهناك أكل. قوله: (خويصة)، تصغير الخاصة، وهو مما اغتفر فيه التقاء الساكنين، وفي رواية (خويصتك أنس)، فصغرته لصغر سنه يومئذ، ومعناه: هو الذي يختص بخدمتك. قوله: (قال: ما هي؟) أي: قال النبي صلى الله عليه وسلم ما الخويصة؟ (قالت: خادمك أنس)، وقال بعضهم: قوله: (خادمك أنس) هو عطف بيان أو بدل، والخبر محذوف. قلت: توجيه الكلام ليس كذلك. بل قوله: (خادمك) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو خادمك، لأنها لما قالت: إن لي خويصة، قال صلى الله عليه وسلم: ما هي؟ قالت: خادمك، يعني: هذه الخويصة هو خادمك، ومقصودها أن ولدي أنسا له خصوصية بك، لأنه يخدمك فادع له دعوة خاصة. وقوله: (أنس) مرفوع لأنه عطف بيان أو بدل، ووقع في رواية أحمد من رواية ثابت (عن أنس: لي خويصة، خويدمك أنس ادع الله له). قوله: (فما ترك خير آخرة) أي: ما ترك خيرا من خيرات الآخرة، وتنكير آخرة يرجع إلى المضاف وهو الخير، كأنه قال: ما ترك خيرا من خيور الآخرة ولا من خيور الدنيا إلا دعا لي به. وقوله: (اللهم ارزقه مالا وولدا وبارك له) بيان لدعائه صلى الله عليه وسلم له، ويدل عليه رواية أحمد من رواية عبيدة بن حميد عن حميد: (إلا دعا لي به، فكان من قوله: اللهم...) إلى آخره. فإن قلت: المال والولد من خير الدنيا، فأين ذكر خير الآخرة في الدعاء له؟ قلت: الظاهر أن الراوي اختصره، يدل عليه ما رواه ابن سعد بإسناد صحيح عن الجعد (عن أنس، قال: اللهم أكثر ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه)، ووقع في رواية مسلم عن الجهد (عن أنس: فدعا لي بثلاث دعوات، قد رأيت منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة)، فلم يبين الثالثة وهي المغفرة، كما بينها ابن سعد في روايته، وقال الكرماني: ولفظ: (بارك) إشارة إلى خير الآخرة، والمال والولد الصالحان من جملة خير الآخرة أيضا لأنهما يستلزمانها. قوله: (وبارك له) وفي رواية الكشميهني: (وبارك فيه)، وإنما أفرد الضمير نظرا إلى المذكور من المال والولد، وفي رواية أحمد فيهم نظرا إلى المعنى. قوله: (فإني لمن أكثر الأنصار مالا) الفاء فيها معنى التفسير فإنها تفسر معنى البركة في ماله، واللام في: لمن، للتأكيد و: مالا، نصب على التمييز. فإن قلت: وقع عند أحمد من رواية ابن أبي عدي أنه لا يملك ذهبا ولا فضة غير خاتمه، وفي رواية ثابت عند أحمد، (قال أنس: وما أصبح رجل من الأنصار أكثر مني مالا، قال: يا ثابت! وما أملك صفرا ولا بيضا إلا خاتمي؟) قلت: مراده أن ماله كان من غير النقدين، وفي (جامع الترمذي) قال أبو العالية: كان لأنس بستان يحمل في السنة مرتين، وكان فيه ريحان يجيء منه رائحة المسك، وفي (الحلية) لأبي نعيم من طريق حفصة بنت سيرين (عن أنس، قال: وإن أرضي لتثمر في السنة مرتين، وما في البلد شيء يثمر مرتين غيرها).
قوله: (وحدثتني ابنتي أمينة)، بضم الهمزة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون: وهو تصغير: آمنة، وفيه رواية الأب عن بنته لأن أنسا روى هذا عن بنته أمينة، وهو من قبيل رواية
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»