عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٩٢
من صام الأبد مرتين ' يعني قالها مرتين وفي رواية مسلم ' قال عطاء فلا أدري كيف ذكر صيام الأبد فقال النبي لا صام من صام الأبد لا صام من صام الأبد ' لأنه يستلزم صوم يوم العيد وأيام التشريق وقال ابن العربي أما أنه لم يفطر فلأنه امتنع عن الطعام والشراب في النهار وأما أنه لم يصم فيعني لم يكتب له ثواب الصيام وفي قول معنى لا صام الدعاء قال ويا بؤس من أخبر عنه النبي أنه لم يصم وأما من قال أنه أخبر فيا بؤس من أخبر عنه النبي أنه لم يصم فقد علم أنه لم يكتب له ثواب لوجوب الصدق في خبره وقد نفى الفضل عنه فكيف ما يطلب ما نفاه النبي (فإن قلت) ما جواب المخبرين صوم الدهر عن هذا (قلت) أجابوا عن هذا بأجوبة * أولها ما قاله الترمذي إنما يكون صيام الدهر إذا لم يفطر يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق فمن أفطر في هذه الأيام فقد خرج من حيز الكراهة وإلا يكون قد صام الدهر كله ثم قال هكذا روى مالك وهو قول الشافعي * والثاني أنه محمول على من تضرر به أو فوت به حقا * والثالث أن معناه أن من صام الأبد لا يجد من المشقة ما يجده غيره فيكون خبر الادعاء وفيه نظر وحديث ' لا صام من صام الأبد ' أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي قتادة وأخرجه النسائي أيضا من حديث عبد الله بن الشخير من رواية ابنه مطرف قال ' حدثني أبي أنه سمع رسول الله وذكر عنده رجل يصوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر ' وأخرجه ابن ماجة أيضا ولفظه ' من صام الأبد فلا صام ولا أفطر ' وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين وأخرجه النسائي أيضا من حديث عمران بن حصين من رواية مطرف عنه قال ' قيل يا رسول الله إن فلانا لا يفطر نهار الدهر كله فقال لا صام ولا أفطر ' وأخرجه الحاكم أيضا وقال صحيح على شرطهما وأخرجه النسائي من حديث عمر رضي الله تعالى عنه من رواية أبي قتادة عنه قال ' كنا مع رسول الله فمررنا برجل فقالوا يا نبي الله هذا لا يفطر منذ كذا وكذا فقال لا صام ولا أفطر أو ما صام وما أفطر ' وقال أبو القاسم بن عساكر والصحيح أنه من مسند أبي قتادة وأخرجه أحمد في مسنده من حديث أسماء بنت يزيد من رواية شهر بن حوشب عنها قالت أتي النبي بشراب فدار على القوم وفيهم رجل صائم فلما بلغه قيل له اشرب فقيل يا رسول الله إنه ليس يفطر أو أنه يصوم الدهر فقال لا صام من صام الأبد ' وأخرج النسائي حديث صحابي لم يسم ولفظه ' قيل للنبي رجل يصوم الدهر قال وددت أنه لم يصم الدهر ' * - 85 ((باب صوم يوم وإفطار يوم)) أي: هذا باب يذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو: صم يوما وأفطر يوما، وذلك بعد أن قال له: صم من الشهر ثلاثة أيام. قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: صم يوما وأفطر يوما، كما يأتي الآن في متن حديث الباب، وهذا التقدير الذي قدرناه على أن يكون لفظ: باب، منونا مقطوعا عن الإضافة، وإذا قرىء بالإضافة يكون تقديره: هذا باب في بيان فضل صوم يوم وإفطار يوم.
8791 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة عن مغيرة قال سمعت مجاهدا عن عبد الله بن عمر و رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صم من الشهر ثلاثة أيام قال أطيق أكثر من ذلك فما زال حتى قال صم يوما وأفطر يوما فقال إقرأ القرآن في كل شهر قال إني أطيق أكثر فما زال حتى قال في ثلاث..
مطابقته للترجمة في قوله: (صم يوما وأفطر يوما)، ورجاله قد ذكروا، وغندر، بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال وفي آخره راء: سامه محمد بن جعفر البصري، و: مغيرة، بضم الميم وكسرها بلام التعريف وبدونها: ابن مقسم ابن هشام الضبي الكوفي الفقيه الأعمى، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وأخرجه البخاري أيضا في فضائل القرآن من طريق
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»