عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٩٦
الطحاوي والداودي، وإنما المراد أن ذلك فعله وتأوله من لم يكن مخالطا للنبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو من الأعراب ومن لا فقه عنده، أو لم يكن من لغته استعمال الخيط في الليل والنهار. انتهى. قلت: قد ذكرنا فيما مضى أن ذلك كان اسما لسواد الليل وبياض النهار في الجاهلية قبل الإسلام، وعن هذا قال الداودي: أحسب أن المحفوظ حديث عدي، لأن الله لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة إليه، وإن يكن حديث سهل محفوظا فإنما هو الذي فرض عليهم ثم نسخ بالفجر.
71 ((باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم آذان بلال)) أي: هذا باب في بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم... إلى آخره. قوله: (لا يمنعنكم)، بنون التأكيد في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني: (لا يمنعكم) بسكون العين من غير نون التأكيد، والسحور، بفتح السين: اسم ما يتسحر به من الطعام والشراب، وبالضم المصدر، والفعل نفسه، وأكثر ما يروى بالفتح، وقيل: إن الصواب بالضم لأنه بالفتح الطعام والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام.
8191 حدثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر والقاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر.
.
قال القاسم ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا. (انظر الحديث 226).
مطابقته للترجمة من حيث إن معناه ومعنى الترجمة واحد، وإن اختلف اللفظ. وقال ابن بطال: ولم يصح عند البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الترجمة، فاستخرج معناه من حديث عائشة، وقال صاحب (التلويح): فيه نظر من حيث إن البخاري صح عنده لفظ الترجمة، وذلك أنه ذكر في: باب الآذان قبل الفجر حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يمنعن أحدكم أو واحدا منكم آذان بلال من سحوره)، فلو خرجه أبو عبد الله في هذا الباب لكان أمس، وقال ابن بطال: ولفظ الترجمة رواه وكيع عن أبي هلال عن سوادة بن حنظلة عن سمرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعكم من سحوركم آذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق). وقال الترمذي: هو حديث حسن، وقد مضى في كتاب مواقيت الصلاة في: باب الآذان قبل الفجر؛ عن يوسف بن عيسى عن الفضل بن موسى عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة، رضي الله تعالى عنها... إلى آخره، وهنا أخرجه: عن عبيد بن إسماعيل: اسمه في الأصل عبد الله، يكنى أبا محمد الهباري القرشي الكوفي، مر في الحيض عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
قوله: (والقاسم)، بالجر عطف على نافع لا على ابن عمر، لأن عبيد الله بن عمر رواه عن نافع عن ابن عمرو عن القاسم عن عائشة، والحاصل أن لعبيد الله هنا شيخان يروي عنهما، وهما نافع والقاسم بن محمد، وقال ابن التين: وأخطأ من ضبطه بالرفع. قوله: (حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، هو عمرو بن القيس العامري، وقيل: غير ذلك، وقد مر فيما مضى، وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله. قوله: (إلا أن يرقى)، بفتح القاف، أي: يصعد. يقال: رقى يرقى رقيا من باب: علم يعلم. قوله: (وينزل)؛ بالنصب أي: وأن ينزل، وكلمة، أن، مصدرية، وكلمة: ذا، في الموضعين في محل الرفع على الفاعلية. وقال المهلب: والذي يفهم من اختلاف ألفاظ هذا الحديث أن بلالا كانت رتبته أن يؤذن بليل على أمره به الشارع من الوقت ليرجع القائم وينبه النائم وليدرك السحور منهم من لم يتسحر، وقد روى هذا كله ابن مسعود عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكانوا يتسحرون بعد آذانه وفيه قريب أذان ابن أم مكتوم من آذان بلال. وقال الداودي: قوله: (لم يكن بين أذانيهما)... إلى آخره، وقد قيل له: أصبحت أصبحت، دليل على أن ابن أم مكتوم كان يراعي قرب طلوع الفجر أو طلوعه، لأنه لم يكن يكتفي بآذان بلال في علم الوقت، لأن بلالا فيما يدل عليه
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»