عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٣٠١
أبو حنيفة ومالك والشافعي، وجماعة من أهل الفقه والأثر الوصال على كل حال لمن قوي عليه ولغيره، ولم يجيزوا الوصال لأحد لحديث الباب. وقال الخطابي: الوصال من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ومحظور على أمته، وذهب أهل الظاهر إلى تحريمه. وفي (شرح المهذب): مكروه كراهة تحريم، وقيل: كراهة تنزيه، كما ذكرناه. وقال الطبري: وروي عن بعض الصحابة وغيرهم من تركهم الأكل الأيام ذوات العدد، وكان ذلك منهم على أنحاء شتى، فمنهم من كان ذلك منه لقدرته عليه فيصرف فطره إلى أهل الفقر والحاجة، ومنهم من كان يفعله استغناء عنه أو كانت نفسه قد اعتادته، كما روى الأعمش عن التيمي أنه قال: ربم ألبث ثلاثين يوما ما أطعم من غير صوم، وما يمنعني ذلك من حوائجي، وقال الأعمش: كان إبراهيم التيمي يمكث شهرين لا يأكل، ولكنه يشرب شربة من نبيذ، ومنهم من كان يفعله منعا لنفسه شهوتها ما لم تدعه إليه الضرورة، ولا يخاف العجز عن أداء واجب عليه إرادة قهرها وحملها على الأفضل.
3291 حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة قال حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم تسحروا فإن في السحور بركة.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاهل قد ذكروا غير مرة.
والحديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي عن قتيبة به، وابن ماجة عن أحمد بن عبيدة. ولما أخرجه الترمذي قال: وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وابن عباس وعمرو بن العاص والعرباض بن سارية وعتبة بن عبد وأبي الدرداء. قلت: وفي الباب عن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبي أمامة وأبي سعيد الخدري والمقدام بن معدي كرب وعائشة وميسرة الفجر ورجل آخر غير مسمى.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي عنه مرفوعا وموقوفا بلفظ حديث أنس، وروى أبو يعلى في (مسنده) عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بالبركة في السحور والثريد)، وفي رواية له، قال: (السحور بركة والثريد بركة والجماعة بركة). وأما حديث عبد الله بن مسعود فأخرجه النسائي أيضا مرفوعا وموقوفا، وقال: الموقوف أولى بالصواب، قال شيخنا: هكذا حكاه المزي في (الأطراف) ولم أره في (السنن الصغرى) ولا (الكبرى). وأما حديث جابر فأخرجه ابن عدي في (الكامل) عنه باللفظ المتقدم وفيه مقال. وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجة عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (استعينوا بطعام السحر على صيام النهار، والقيلولة على قيام الليل). وأخرجه الحاكم في (مستدركه). وأما حديث عمرو بن العاص فأخرجه مسلم والنسائي أيضا عن قتيبة، ورواه مسلم أيضا من طرق وأبو داود من رواية موسى بن علي بسند. وأما حديث العرباض بن سارية فأخرجه أبو داود والنسائي عنه قال: (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان. فقال: هلم إلى الغداء المبارك) وعند النسائي: (هلموا)، وأخرجه ابن حبان في (صحيحه) وضعفه ابن القطان. وأما حديث: عتبة بن عبد وأبي الدرداء فأخرجه ابن عدي في (الكامل): عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحروا من آخر الليل، وكان يقول: هو الغداء المبارك) وأما حديث علي، رضي الله تعالى عنه، فأخرجه ابن عدي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (تسحروا ولو بشربة من ماء، وأفطروا ولو على شربة من ماء)، وفي سنده حسن بن عبد الله بن حمزة وهو متروك. وأما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه ابن حبان في (صحيحه) عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحروا ولو بجرعة من ماء). وأما حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب فأخرجه ابن حبان أيضا عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين). وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الطبراني في (مسند الشاميين) عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم بارك لأمتي في سحورها، تسحروا ولو بشربة من ماء، ولو بتمرة، ولو بحبات زبيب، فإن الملائكة تصلي عليكم) وفيه مقال. وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه أحمد في (مسنده) عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (السحور بركة ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين)، ورواه ابن عدي أيضا عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم صل على المتسحرين، تسحروا ولو أن يأكل أحدكم لقمة أو يجرع جرعة ماء)، وفيه مقال وأما حديث المقدم بن معدي كرب فأخرجه النسائي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالسحور فإنه هو الغداء المبارك)، وروي مرسلا
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 » »»