عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٩٥
أبي مريم الجمحي. الثاني: ابن أبي حازم عبد العزيز. الثالث: أبوه أبو حازم، بالحاء المهملة والزاي: واسمه سلمة بن دينار. الرابع: أبو غسان، بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبالنون: واسمه محمد بن طريف. الخامس: سهل ابن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع وبصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه: أن شيخه بصري والبقية مدنيون. وفيه: أن في الطريق الأول روى عن شيخه بالتحديث بصيغة الجمع، وفي الطريق الثاني عنه أيضا بصيغة الإفراد. وفيه: أن شيخه يروي عن شيخين أحدهما ابن أبي حازم، والآخر أبو غسان، وفي التفسير عن أبي غسان وحده، واللفظ لأبي غسان، وكذا أخرجه مسلم وابن أبي حاتم وأبو عوانة والطحاوي في آخرين من طريق سعيد شيخ البخاري عن أبي غسان وحده.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن سعيد بن أبي مريم: وأخرجه مسلم في الصوم عن أبي بكر محمد بن إسحاق ومحمد بن سهل بن عسكر، كلاهما عن سعيد بن أبي مريم. وأخرجه النسائي فيه عن أبي بكر بن إسحاق به.
ذكر معناه: قوله: (ربط أحدهم في رجليه)، قلت: في مسلم: (جعل الرجل يأخذ خيطا أبيض وخيطا أسود فيضعهما تحت وسادته وينظر متى يستبينا). قلت: لا منافاة لاحتمال أن يكون بعضهم فعل هذا وبعضهم فعل هذا، وقال بعضهم: أو يكونوا يجعلونهما تحت الوسادة إلى السحر فيربطونهما حينئذ في أرجلهم ليشاهدوهما. انتهى. قلت: هذا بعيد، لأنه لا حاجة حينئذ إلى الربط في أرجلهم، لأنهم في يقظة حينئذ لأن المشاهدة لا تكون إلا عن يقظان، فلا يحتاج إلى الربط في الرجل، ففي أي: موضع كان تحصل المشاهدة؟ قوله: (حتى يتبين له)، كذا هو بالتشديد في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: (حتى يستبين)، من الإستبانة، وذلك من التبين من: باب التفعل، وذاك من باب الاستفعال. قوله: (رؤيتهما)، بضم الراء وسكون الهمزة وفتح الياء آخر الحروف وضم التاء المثناة من فوق، وهو من: رأى بالعين، يقال: رأى رأيا ورؤية وراءة، مثل راعة فيتعدى إلى مفعول واحد، وإذا كان بمعنى العلم يتعدى إلى مفعولين، يقال: رأى زيدا عالما، وهذا هكذا في رواية أبي ذر وهو مرفوع، لأنه فاعل لقوله * (حتى يتبين له) * (البقرة: 781). وفي رواية النسفي: رأيهما، بكسر الراء وسكون الهمزة وضم الياء آخر الحروف، ومعناه: منظرهما، ومنه: قوله تعالى: * (أحسن أثاثا ورءيا) * (مريم: 47). وفي رواية مسلم: زيهما، بكسر الزاي وتشديد الياء بلا همز ومعناه: لونهما، ويروى: (رئيهما)، بفتح الراء وكسرها وكسر الهمزة وتشديد الياء آخر الحروف، قال عياض: هذا غلط لأن الرئي التابع من الجن، فلا معنى له ههنا، فإن صحت به الرواية فيكون معناه: مرئيهما. قوله: (فأنزل الله بعد)، بضم الدال أي: بعد نزول: * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) * (البقرة: 781). فإن قلت: كيف الجمع على هذا بين حديث عدي وحديث سهل هذا؟ قلت: قال القرطبي: يصح الجمع بأن يكون حديث عدي متأخرا عن حديث سهل، وأن عديا لم يسمع ما جرى في حديث سهل، وإنما سمع الآية مجردة، وعلى هذا فيكون: * (من الفجر) * (البقرة: 781). متعلقا بقوله: * (يتبين) * (البقرة: 781). وعلى مقتضى حديث سهل يكون في موضع الحال متعلقا بمحذوف: قال، ويحتمل أن يكون الحديثان قضية واحدة. وذكر بعض الرواة * (من الفجر) * (البقرة: 781). متصلا بما قبله، كما ثبت في القرآن العزيز، وإن كان قد نزل منفردا، كما بينه في حديث سهل، وحديث سهل يقتضي أن يكون منفردا، وذاك أن فرض الصيام كان في السنة الثانية بلا خلاف. وقال سهل في حديثه: كان رجال.. إلى قوله: * (والخيط الأسود) * (البقرة: 781). ثم أنزل: * (من الفجر) * (البقرة: 781). فدل هذا على أن الصحابة كانوا يفعلون هذا إلى أن أسلم عدي في السنة التاسعة، وقيل العاشرة، حتى أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك سواد الليل وبياض النهار. قوله: (فأنزل الله بعد ذلك * (من الفجر) *) روى أنه كان بينهما عام، قال الطحاوي: فلما كان حكم هذه الآية قد أشكل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى بين الله لهم من ذلك ما بين، وحتى أنزل: * (من الفجر) * (البقرة: 781). بعدما كان قد أنزل الله: * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) * (البقرة: 781). فكان الحكم أن يأكلوا ويشربوا حتى يتبين لهم، حتى نسخ الله عز وجل بقوله: * (من الفجر) * (البقرة: 781). على ما ذكرنا، وقد بينه سهل في حديثه، انتهى. وقال عياض: وليس المراد أن هذا كان حكم الشرع أولا ثم نسخ بقوله: * (من الفجر) * (البقرة: 781). كما أشار إليه
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»