عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٩٠
وقال آخر:
* ألا بلغ أبا حفص رسولا * فدى لك من أخي ثقة إزاري * قال أهل اللغة: معناه فدى لك امرأتي، وذكر ابن قتيبة وغيره أن المراد بقوله: إزاري، فدى لك امرأتي، وقال بعضهم: أراد نفسه أي: فدى لك نفسي. وفي (كتاب الحيوان) للجاحظ: ليس شيء من الحيوان يتبطن طروقته أي: يأتيها من جهة بطنها غير الإنسان والتمساح، وفي (تفسير الواحدي): والدب. وقيل الغراب. قوله: * (تختانون أنفسكم) * (البقرة: 781). يعني: تجامعون النساء وتأكلون وتشربون في الوقت الذي كان حراما عليكم، ذكره الطبري. وفي (تفسير) ابن أبي حاتم عن مجاهد: * (تختانون أنفسكم) * (البقرة: 781). قال: تظلمون أنفسكم. قوله: * (فالآن باشروهن) * (البقرة: 781). أي: جامعوهن، كنى الله عنه، قاله ابن عباس: وروي نحوه عن مجاهد وعطاء والضحاك ومقاتل بن حيان والسدي والربيع بن أنس وزيد بن أسلم. قوله: * (وابتغوا ما كتب الله لكم) * (البقرة: 781). قال مجاهد: فيما ذكره عبد بن حميد في تفسيره: الولدان لم تلد هذه، فهذه، وذكره أيضا الطبري عن الحسن والحاكم وعكرمة وابن عباس والسدي والربيع بن أنس، وذكره ابن أبي حاتم في تفسيره عن أنس بن مالك، وشريح وعطاء والضحاك وسعيد بن جبير وقتادة. قال الطبري، وعن ابن عباس أيضا في قوله تعالى: * (وابتغوا ما كتب الله لكم) * (البقرة: 781). قال: ليلة القدر، وقال الطبري: وقال آخرون: بل معناه ما أحله الله لكم ورخصه، قال ذلك قتادة، وعن زيد بن أسلم: هو الجماع.
5191 حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله تعالى عنه قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها أعندك طعام قالت لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبة لك فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت * (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) *. (البقرة: 781).
(الحديث 5191 طرفه في: 8054).
مطابقته للترجمة من حيث إنه يبين سبب نزولها وعبيد الله بن موسى أبو محمد العبسي الكوفي، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وهو يروي عن جده أبي إسحاق، واسمه عمرو بن عبد الله.
والحديث أخرجه أبو داود في الصوم أيضا عن نصر بن علي. وأخرجه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد.
قوله: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) أي: في أول ما افترض الصيام، وبين ذلك ابن جرير في روايته من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا. قوله: (فنام قبل أن يفطر...) إلى آخره. وفي رواية زهير: (كان إذا نام قبل أن يتعشى لم يحل له أن يأكل شيئا ولا يشرب ليله ولا يومه حتى تغرب الشمس). وفي رواية أبي الشيخ من طريق زكرياء بن أبي زائدة عن أبي إسحاق: (كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا لم يفعلوا شيئا من ذلك إلى مثلها). فإن قلت: الروايات كلها في حديث البراء على أن المنع من ذلك كان مقيدا بالنوم، وكذا هو في حديث غيره، وقد روى أبو داود من حديث ابن عباس، قال: (كان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء، وصاموا إلى القابلة...) الحديث. والمنع في هذا مقيد بصلاة العشاء. قلت: يحتمل أن يكون ذكر صلاة العشاء لكون ما بعدها مظنة النوم غالبا، والتقييد في الحقيقة بالنوم كما في سائر الأحاديث. وبين السدي وغيره أن ذلك الحكم كان على وفق ما كتب على أهل الكتاب، كما أخرجه ابن حزم من طريق السدي، ولفظه: (كتب على النصارى الصيام، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا بعد النوم، وكتب على المسلمين أولا مثل ذلك حتى أقبل رجل من الأنصار...) فذكر القصة. ومن طريق إبراهيم التيمي: كان المسلمون في أول الإسلام يفعلون كما يفعل أهل الكتاب إذا نام أحدهم لم يطعم حتى القابلة. قوله: (وإن قيس بن
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»