عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٤٤
عليه كأنه قدر السنة قوله ' إلا مكة والمدينة ' يعني لا يطؤهما الدجال وذكر الطبري من حديث عبد الله بن عمرو ' إلا الكعبة وبيت المقدس ' وزاد أبو جعفر الطحاوي ' ومسجد الطور ' ورواه من حديث جنادة بن أبي أمية عن بعض أصحاب النبي وفي بعض الروايات فلا يبقى له موضع إلا ويأخذه غير مكة والمدينة وبيت المقدس وجبل الطور فإن الملائكة تطرده عن هذه المواضع قوله ' من نقابها ' أي نقاب المدينة والنقاب بكسر النون جمع نقب وهو جمع الكثرة وقد مضى الكلام فيه في الحديث السابق قوله ' صافين ' حال من الملائكة وهو جمع صاف من صف قوله ' يحرسونها ' من الأحوال المتداخلة قوله ' ثم ترجف المدينة ' أي يحصل بها زلزلة بعد أخرى ثم في الرجفة الثالثة يخرج الله منها من ليس مخلصا في إيمانه ويبقى بها المؤمن المخلص فلا يسلط عليه الدجال * وفيه أيضا معجزة ظاهرة للنبي حيث أخبر عن أمر سيكون قطعا * وفيه بيان فضل المدينة وفضل أهلها المؤمنين الخالصين 2881 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا به أن قال يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة بعض السباخ التي بالمدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيت إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر فيقولون لا فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم فيقول الدجال أقتله فلا اسلط عليه.
(الحديث 2881 طرفه في: 2371).
مطابقته للترجمة من حيث إنه يدل على أن الدجال ينزل على سبخة من سباخ المدينة، ولا يقدر على الدخول إلى المدينة ورجاله قد ذكروا غير مرة، وعقيل، بضم العين: ابن خالد الأيلي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن أبي اليمان عن شعيب. وأخرجه مسلم أيضا في الفتن عن عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي عن أبي اليمان به، وعن عمرو الناقد وحسن الحلواني وعبد بن حميد، ثلاثتهم عن يعقوب بن إبراهيم، وأخرجه النسائي في الحج عن أبي داود وسليمان بن سيف عن يعقوب بن إبراهيم به.
ذكر معناه: قوله: (حدثنا)، فعل ومفعول، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله، قوله: (عن الدجال) أي: عن حاله وفعله. قوله: (أن قال)، كلمة: أن، مصدرية أي: قوله يأتي الدجال. قوله: (وهو محرم عليه)، جملة حالية. (ومحرم) على صيغة المفعول من التحريم، قوله: (أن يدخل) كلمة: أن، مصدرية، أي: دخوله وهي في محل الرفع لأنه في تقدير الفاعل. قوله: (ينزل) جملة مستأنفة كان القائل يقول: إذا كان الدخول عليه حراما فكيف يفعل؟ قال ينزل بعض السباخ، بكسر السين: حمع سبخة، وهي الأرض التي تعلوها الملوحة، معناه: ينزل خارج المدينة على أرض سبخة من سباخ المدينة. قوله: (فيخرج إليه) أي: إلى الدجال. قوله: (رجل هو خير الناس) قال أبو إسحاق السبيعي، يقال: إن هذا الرجل هو الخضر، عليه الصلاة والسلام. قال مسلم في صحيحه وكذا قال معمر في جامعة بلغني أن ذلك الرجل هو الخضر عليه الخضر عليه الصلاة والسلام قوله: (أو من خير الناس) شك من الراوي. قوله: (أرأيت؟)، أي: أخبرني. قوله: (فيقولون)، القائلون به إما اليهود ومصدقوه من أهل الشقاوة، وإما أعم منهم، وقالوه خوفا منه لا تصديقا، أو قصدوا به عدم الشك في كفره، وكونه دجالا. قوله: (أشد بصيرة مني اليوم) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني بأن علامة الدجال أنه يحيى المقتول، فزادت بصيرته بحصول تلك العلامة، ويروى: (أشد مني بصيرة اليوم)، فالمفضل والمفضل عليه كلاهما هو نفس المتكلم لكنه مفضل باعتبار غيره. قوله: (أقتله فلا أسلط عليه) أي: أقتله فلا أسلط على قتله، وأسلط على صيغة المجهول، ولا بد من تقدير الهمزة الإنكارية. ويروى بظهور الهمزة لفظا وأما حديث، وكأنه ينكر
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»