عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٥٥
وأسند فيه حديثا يدل على صحته. فإن قلت: لم يعلم من هذه الآية إلا أصل فرضية الصوم، ولم يعلم العدد، ولا كونه في شهر رمضان؟ قلت: لما علم فيها أصل الفرض نزل قوله: * (أياما معدودات) * (البقرة: 481). فعلم من ذلك أن الفرض أيام معدودات، ولما نزل: * (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) * (البقرة: 581). علم أن ذلك العدد هو ثلاثون يوما، لأنه فرض في رمضان، والشهر ثلاثون يوما وإن نقص فحكمه حكمه، وعن هذا قالوا: إن الشهر مرفوع على أنه بدل من قوله: * (الصيام) * (البقرة: 381). في قوله: * (كتب عليكم الصيام) * (البقرة: 381). وقرئ بالنصب على: صوموا شهر رمضان، أو على أنه بدل من قوله: * (أياما معدودات) * (البقرة: 481). وانتصاب: أياما، على الظرفية، أي: كتب عليكم الصيام في أيام معدودات، وبينها بقوله: * ( شهر رمضان) * (البقرة: 581). فإن قلت: ما الحكمة في التنصيص على الثلاثين التي هي الشهر الكامل؟ قلت: قالوا: لما أكل آدم، عليه الصلاة والسلام، من الشجرة التي نهى عنها، بقي شيء من ذلك في جوفه ثلاثين يوما، فلما تاب الله عليه أمره بصيام ثلاثين يوما بلياليهن، ذكره في (خلاصة البيان في تلخيص معاني القرآن).
1981 حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة فقال الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا فقال أخبرني ما فرض الله علي من الصيام فقال شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا فقال أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة فقال فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الإسلام قال والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق.
مطابقته للترجمة في قوله: (أخبرني ما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: شهر رمضان)، وهذا الحديث قد مضى في كتاب الإيمان في: باب الزكاة من الإسلام، فإنه أخرجه هناك: عن إسماعيل عن مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله، رضي الله تعالى عنه، الحديث، ولا يخلو عن زيادة ونقصان في المتن، وقد مضى الكلام فيه هناك مستوفى، وإسماعيل بن جعفر أبو إبراهيم الأنصاري المدني، وقد تقدم في كتاب الإيمان، وأبو سهيل مصغر: السهل نافع ابن مالك بن عامر، مر في: باب علامات المنافق، وأبوه مالك بن أبي عامر أو أنس الأصبحي المدني جد مالك بن أنس، وطلحة ابن عبيد الله أحد العشرة المبشرة.
قوله: (ثائر الرأس) بالثاء المثلثة أي: منتفش شعر الرأس ومنتشره. قوله: (أن تطوع) بتخفيف الطاء وتشديدها، والاستثناء منقطع، وقيل: متصل. قوله: (بشرائع الإسلام) أي: بنصب الزكاة ومقاديرها وغير ذلك مما يتناول الحج وأحكامه، ويحتمل أن الحج حينئذ لم يكن مفروضا مطلقا، أو على السائل، ومفهوم. قوله: (إن صدق)! أنه إذا تطوع لا يفلح مفهوم المخالفة فلا اعتبار به لأن له مفهوم الموافقة، وهو أنه إذا تطوع يكون مفلحا بالطريق الأولى، وهو مقدم على مفهوم المخالفة.
2 - (حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صام النبي عاشوراء وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه) مطابقته للترجمة في قوله ' فلما فرض رمضان ' وإسماعيل هو ابن علية وأيوب السختياني قوله ' عاشوراء ' ممدود ومقصور وهو اليوم العاشر من المحرم وقيل أنه التاسع منه مأخوذ من إظماء الإبل فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الورد أربعا وكذا باقي الأيام على هذه النسبة فيكون التاسع عشر أو قال أبو علي القالي في كتابه الممدود والمقصور باب
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»