عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٤٣
الرجل جرب بعيره بالدجالة، وهو القطران. وقيل: سمي به لضربه نواحي الأرض وقطعه لها، يقال: دجل الرجل إذا فعل ذلك. وقيل: هو من الدجل بمعنى التغطية. وقال ابن دريد: كل شيء غطيته فقد دجلته، ومنه سميت دجلة لانتشارها على الأرض وتغطيتها ما فاضت عليه. وقيل: معناه المموه، قاله ثعلب. وأما معنى المسيح بن مريم فعلى ثلاثة وعشرين وجها ذكرناها في كتابنا. قوله: (على كل باب)، في رواية الكشميهني: (لكل باب). فإن قلت: حديث أنس: (ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات)، والرجف رعب، فهذا يعارض حديث الباب؟ قلت: لا يعارضه، لأن الرجفة تكون من أهل المدينة على من فيها من المنافقين والكافرين، فيخرجونهم من المدينة بإخافتهم إياهم تغليظا عليهم وعلى الدجال، فيخرج المنافقون إلى الدجال فرارا من أهل المدينة.
0881 حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وإسماعيل هو ابن أبي أويس واسمه: عبد الله المدني ابن أخت مالك بن أنس، ونعيم، بضم النون، والمجمر بلفظ الفاعل من الإجمار، مر في أول الوضوء.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن القعنبي، وفي الطب عن عبد الله بن يوسف. وأخرجه مسلم في الحج أيضا عن يحيى بن يحيى. وأخرجه النسائي في الطب عن الحارث بن مسكين عن ابن القاسم، وفيه وفي الحج عن قتيبة، الكل عن نعيم المجمر به.
ذكر معناه: قوله: (على أنقاب المدينة)، الأنقاب جمع نقب، بفتح النون، وهو جمع قلة وجمع الكثرة: نقاب، وقال ابن وهب: الأنقاب مداخل المدينة، وقيل: هي أبوابها وفوهات طرقها التي يدخل إليها منها. وقال الداودي: هي الطرق التي يسلكها الناس، ومنه قوله عز وجل: * (فنقبوا في البلاد) * (ق 1764;: 63). وقال أبو المعاني: النقب الطريق في الجبل، وكذلك النقب والمنقب والمنقبة عن يعقوب، وقال ابن سيده: النقب والنقب في أي شيء كان نقبه ينقبه نقبا، وعن القزاز، ويقال أيضا: نقب بكسر النون، وضبط ابن فارس بالسكون يقتضي أن لا يكون جمعه أنقابا كما رواه أبو هريرة، وإنما يجمع على نقاب، كما رواه أبو سعيد، وفيه برهان عظيم ظهرت صحته ببركة دعائه للمدينة. قوله: (الطاعون)، الموت من الوباء. وقوله: (لا يدخلها الطاعون ولا الدجال) جملة مستأنفة، بيان لموجب استقرار الملائكة على الأنقاب.
453 - (حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا الوليد قال حدثنا أبو عمرو قال حدثنا إسحاق قال حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي قال ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس لها من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج الله كل كافر ومنافق) مطابقته للترجمة في قوله ' والمدينة ' يعني لا يدخلها الدجال والوليد هو مسلم الدمشقي وأبو عمرو هو عبد الرحمن الأوزاعي وإسحق هو ابن عبد الله بن أبي طلحة والحديث أخرجه مسلم أيضا في الفتن عن علي بن حجر عن الوليد وأخرجه النسائي في الحج عن إسحاق بن إبراهيم عن عمر بن عبد الواحد قوله ' إلا سيطؤه ' مستثنى من المستثنى وهو قوله ' ليس من بلد ' وهو على ظاهره وعمومه عند الجمهور وشذ ابن حزم فقال المراد لا يدخله بعثه وجنوده وكأنه استبعد إمكان دخول الدجال جميع البلاد لقصر مدته وغفل عما ثبت في صحيح مسلم أن بعض أيامه يكون قدر السنة قاله بعضهم (قلت) يحتمل أن يكون إطلاق قدر السنة على بعض أيامه ليس على حقيقته بل لكون الشدة العظيمة الخارجة عن الحد أطلق
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»