6 ((باب الإيمان يأرز إلى المدينة)) أي: هذا باب يذكر فيه الإيمان يأرز إلى المدينة. قوله: (يأرز)، بالياء آخر الحروف وبالهمزة الساكنة بعد الألف ثم بالراء المكسورة. ثم بالزاي أي: ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض فيها، وحكى صاحب (المطالع) عن أبي الحسن بن السراج ضم الراء، وعن القابسي فتح الراء، وقال ابن التين: الصواب الكسر. قلت: فعلى ما ذكروا تأتي هذه المادة من ثلاثة أبواب: من باب ضرب يضرب، ومن باب نصر ينصر، ومن باب علم يعلم. فافهم.
6781 حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا أنس بن عياض قال حدثني عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمان عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها.
الترجمة عين الحديث غير أنه ترك لام التأكيد في الأول.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: إبراهيم بن المنذر أبو إسحاق الخزامي وهو إبراهيم بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة. الثاني: أنس بن عياض أبو ضمرة. الثالث: عبيد الله بن عمر العمري. الرابع: خبيب، بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة الأولى وسكون الياء آخر الحروف: ابن عبد الرحمن خال عبيد الله، وقد مر في: باب الصلاة بعد الفجر. الخامس: حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه. السادس: أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: أن شيخه من أفراده. وفيه: أن رجاله كلهم مدنيون. وفيه: رواية الراوي عن خاله وقد روى عبيد الله عن خاله خبيب بهذا الإسناد عدة أحاديث، وهذا الإسناد هكذا رواه أصحاب عبيد الله، وفي رواية يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: رواه ابن حبان والبزار، وقال البزار: يحيى بن سليم أخطأ فيه.
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه. وأخرجه ابن ماجة في الحج عن أبي بكر بن أبي شيبة به.
قوله: (إن الإيمان) أي: أهل الإيمان، واللام في: ليأرز، للتأكيد. وقال المهلب فيه: إن المدينة لا يأتيها إلا مؤمن، وإنما يسوقه إليها إيمانه ومحبته في النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الإيمان يرجع إليها كما خرج منها أولا. ومنها ينتشر كانتشار الحية من جحرها، ثم إذا راعها شيء رجعت إلى جحرها. وقال الداودي: كان هذا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والقرن الذي كان منهم والذين يلونهم خاصة، لأنه كان الأمر مستقيما. وقال القرطبي: وفيه تنبيه على صحة مذهبهم وسلامتهم من البدع، وأن عملهم حجة، كما رواه مالك، رحمه الله. قلت: هذا إنما كان في زمن النبي، صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين إلى انقضاء القرون الثلاثة، وهي تسعون سنة، وأما بعد ذلك فقد تغيرت الأحوال وكثرت البدع خصوصا في زماننا هذا على ما لا يخفى.
7 ((باب إثم من كاد أهل المدينة)) أي: هذا باب في بيان إصم من كاد أهل المدينة أي: أراد بهم سوءا، وكاد فعل ماض من الكيد، وهو المكر. تقول: كاده يكيده كيدا ومكيدة. وكذلك المكايدة.
7781 حدثنا حسين بن حريث قال أخبرنا الفضل عن جعيد عن عائشة قالت سمعت سعدا رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء.