عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٤٧
حديث أسماء فرواه ابن ماجة على الشك من رواية عثمان بن حكيم عن أبي بكر بن عبد الله بن الزبير عن جدته، قال: لا أدري أسماء بنت أبي بكر أو سعدى بنت عوف، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت عبد المطلب فقال: ما يمنعك يا عمتاه من الحج؟ فقالت: أنا امرأة سقيمة، وأنا أخاف الحبس! قال: فأحرمي واشترطي أن محلك حيث حبست). وهكذا أخرجه أحمد في (مسنده) والطبراني عن جدته لم يسمها. وأما حديث عائشة فمتفق عليه على ما يجيء إن شاء الله تعالى.
وحديث ضباعة له طرق: منها: ما رواه ابن خزيمة من طريق البيهقي من رواية يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب (عن ضباعة بنت الزبير، قالت: قلت: يا رسول الله! إني أريد الحج فكيف أهل بالحج؟ قال: قولي: اللهم إني أهل بالحج إن أذنت لي به، وأعنتني عليه، ويسرته لي، وإن حبستني فعمرة، وإن حبستني عنهما فمحلي حيث حبستني)، وضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وهي ابنة عم النبي، صلى الله عليه وسلم، ووقع عند ابن ماجة: ضباعة بنت عبد المطلب، وذلك نسبة إلى جدها، ووقع في (الوسيط) للغزالي عند ذكر هذا الحديث: أنها ضباعة الأسلمية، وهو غلط، وإنما هي هاشمية.
وقد ضعف بعض لمالكية أحاديث الاشتراط في الحج، فحكى القاضي عياض عن الأصيلي قال: لا يثبت عندي في الاشتراط إسناد صحيح، قال: قال النسائي: لا أعلم سنده عن الزهري غير معمر، وقال شيخنا زين الدين، رحمه الله: وما قاله الأصيلي غلط فاحش، فقد ثبت وصح من حديث عائشة وابن عباس وغيرهما على ما مر.
واختلفوا في مشروعية الاشتراط، فقيل: واجب لظاهر الأمر، وهو قول الظاهرية. وقيل: مستحب وهو قول أحمد، وغلط من حكى الإنكار عنه. وقيل: جائز، وهو المشهور عند الشافعية، وقطع به الشيخ أبو حامد. ولما روى الترمذي حديث ضباعة بنت الزبير، قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يرون الاشتراط في الحج، ويقولون: إن اشترط لغرض له كمرض أو عذر فله أن يحل ويخرج من إحرامه، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقيل: هو قول جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم قال به عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وعائشة وأم سلمة وجماعة من التابعين، وذهب بعض التابعين ومالك وأبو حنيفة إلى أنه: لا يصح الاشتراط، وحملوا الحديث على أنه قضية عين، وأن ذلك مخصوص بضباعة. وقال الترمذي: ولم ير بعض أهل العلم الاشتراط في الحج. وقالوا: إن اشترط فليس له أن يخرج من إحرامه فيرونه كمن لم يشترط. قلت: حكى الخطابي ثم الروياني من الشافعية الخصوص بضباعة، وحكى إمام الحرمين أن معناه: محلي حيث حبسني الموت، أي: إذا أدركتني الوفاة انقطع إحرامي. وقال النووي: إنه ظاهر الفساد ولم يبين وجهه. والله أعلم.
3 ((باب النحر قبل الحلق في الحصر)) أي: هذا باب في بيان جواز النحر قبل الحلق في حال الحصر، ولم يشر إلى بيان الحكم في الترجمة اكتفاء بحديث الباب، فإنه يدل على جواز النحر قبل الحلق في حالة الإحصار.
1181 حدثنا محمود قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن المسور رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذالك.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمود هو ابن غيلان أبو أحمد العدوي المروزي، ومعمر، بفتح الميمين: هو ابن راشد، والمسور، بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو وبالراء: ابن مخرمة بن نوفل القرشي الزهري أبو عبد الرحمن، له ولأبيه صحبة، مات سنة أربع وستين وصلى عليه ابن الزبير بالحجون.
وهذا الحديث طرف من حديث طويل أخرجه البخاري في الشروط على ما يأتي إن شاء الله تعالى، ولفظه في أواخر الحديث: (فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا، ثم احلقوا...) الحديث.
وفيه: أن نحر المحصر قبل الحلق يجوز، والحديث حجة على مالك في قوله: إنه لا هدي على المحصر. قال الكرماني: فإن قلت: قال تعالى: * (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) * (البقرة: 691). والخطاب للمحصرين، ومقتضاه أن الحلق لا يقدم على النحر في محله. قلت: بلوغ الهدي المحل إما زمانا أو مكانا لا يستلزم نحره، ومحل هدي
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»