عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١١٣
في رجب بقولها: وما اعتمر في رجب قط، وأورده مختصرا عن أبي عاصم النبيل الضحاك، بن مخلد عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن عطاء بن أبي رباح. وأخرجه مسلم مطولا، فقال: حدثنا هارون بن عبد الله، قال: أخبرنا محمد بن بكر البرساني، قال: (أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عطاء يخبر، قال: أخبرني عروة بن الزبير، قال: كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة، وأنا أسمع ضربها بالسواك تستن، قال: فقلت: يا أبا عبد الرحمن! اعتمر النبي، صلى الله عليه وسلم، في رجب؟ قال: نعم، فقلت لعائشة: أي أماه! ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟ قلت: يقول: اعتمر النبي، صلى الله عليه وسلم، في رجب. فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري ما اعتمر في رجب، وما اعتمر في عمرة إلا وأنه لمعه. قال: وابن عمر يسمع، فما قال: لا ولا نعم ، سكت). فإن قلت: نفت عائشة وأثبت ابن عمر، والقاعدة تقديم الإثبات على النفي، فهلا حكم لابن عمر على عائشة؟ قلت: إن إثبات ابن عمر كونها في رجب يعارضه إثبات آخر، وهو كونها في ذي القعدة، فكلاهما ناف لوقت ومثبت لوقت آخر، فعائشة، وإن نفت رجب، فقد أثبتت كونها في ذي القعدة، وقد اتفقت عائشة وابن عمر وابن عباس على نفي الزيادة في عدد عمره صلى الله عليه وسلم على أربع، وأثبتت عائشة كون الثلاثة في ذي القعدة خلا التي في حجته، فترجح إثبات عائشة لذلك، فإن إثبات ابن عباس أيضا كذلك، وانفرد ابن عمر بإثبات رجب، فكان إثبات عائشة مع ابن عباس أقوى من إثبات ابن عمر وحده، وانضم لذلك كون عائشة أنكرت عليه ما أثبته من الاعتمار في رجب، وسكت، فوجب المصير إلى قول عائشة رضي الله تعالى عنها. فإن قلت: قال الإسماعيلي: هذا الحديث لا يدخل في: باب كم اعتمر، وإنما يدخل في: باب متى اعتمر، صلى الله عليه وسلم؟ قلت: أجاب بعضهم بأن غرض البخاري الطريق الأولى، وإنما أورد هذا لينبه على الخلاف في السياق، وقال صاحب (التوضيح): بل داخل فيه، والزمان وقع استطرادا. قلت: الأوجه في ذلك ما ذكرته في أول شرح الحديث أنه من تعليق الحديث السابق، وداخل في عداده، فالترجمة تشمل الكل. فافهم.
8771 حدثنا حسان بن حسان قال حدثنا همام عن قتادة قال سألت أنسا رضي الله تعالى عنه كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده الماشركون وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم وعمرة الجعرانة إذ قسم غنيمة أراه حنين قلت كم حج قال واحدة.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وحسان بن حسان أبو علي البصري، سكن مكة وهو من أفراد البخاري، وقال: مات سنة ثلاث عشرة ومائتين.، وهمام، بتشديد الميم: ابن يحيى بن دينار العوزي الشيباني البصري، مات سنة ثلاث وستين ومائة.
وأخرجه أيضا عن أبي الوليد فيه، وفي الجهاد وفي المغازي عن هذبة بن خالد، وأخرجه مسلم في الحج عن هدبة وعن أبي موسى عن عبد الصمد. وأخرجه أبو داود فيه عن أبي الوليد وهدبة. وأخرجه الترمذي فيه عن إسحاق بن منصور، وقال: حسن صحيح.
قوله: (أربع) أي: الذي اعتمره أربع عمر. قوله: (عمرة الحديبية)، أي: من الأربع عمرة الحديبية، وهي بضم الحاء المهملة وفتح الدال وسكون الياء آخر الحروف وكسر الباء الموحدة وفتح الياء آخر الحروف، وفي آخره هاء، وكثير من المحدثين يشددون هذه الياء، وقال ابن الأثير: هي قرية كبيرة من مكة، سميت ببئر هناك، وقال الصغاني: الحديبية، بتخفيف الياء: مثال دويهية، بئر على مرحلة من مكة، مما يلي المدينة، وقال الخطابي: سميت الحديبية بشجرة حدباء هناك. قوله: (حيث صده)، أي: منعه المشركون من دخول مكة، وهو في غزوة الحديبية، وكانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف، نص على ذلك الزهري وآخرون. قوله: (وعمرة الجعرانة) فيها لغتان إحداهما: كسر الجيم وسكون العين المهملة وفتح الراء المخففة. وبعد الألف نون، والثانية: كسر العين وتشديد الراء، وإلى التخفيف ذهب الأصمعي وصوبه الخطابي، وقال في (تصحيف المحدثين): إن هذا مما ثقلوه وهو مخفف، وحكى القاضي عن ابن المديني. قال: أهل المدينة يثقلونه، وأهل العراق يخففونه، وهي
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»