وغيره. وفيه: أن الإنفاق إنما يحصل فيه الأجر إذا أريد به وجه الله، والنفقة على العيال تحتمل وجهين. الأول: أن يكون المعنى يكتب له بذلك أجر الصدقة. الثاني: أنه لما أراد أن يتصدق بماله أخبره أن ما يناله العيال فيه أجر كما في الصدقة. قال القرطبي: يفيد منطوقه أن الأجر في النفقات لا يحصل إلا بقصد القربة، وإن كانت واجبة، ومفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر على شيء منها، والمعنيان صحيحان، وهل إذا أنفق نفقة واجبة على الزوجة أو الولد الفقير، ولم يقصد التقرب هل تبرأ ذمته أم لا؟ فالجواب أنها تبرأ ذمته من المطالبة، لأن وجوب النفقة من العبادات المعقولة المعنى، فتجزىء بغير نية: كالديون وأداء الأمانات وغيرها من العبادات، لكن إذا لم ينو لم يحصل له أجر. وفيه: فضيلة طول العمر، للازدياد من الخير. وفيه: وجوب استدامة حكم الهجرة، ولكنه ارتفع يوم الفتح، واستبعد القاضي عياض ارتفاع حكم الهجرة بعد الفتح، قال: وحكمه باق 1764; بعد الفتح لهذا الحديث. وقيل: إنما لزم المهاجرين المقام بالمدينة بعد الهجرة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ الشريعة عنه وشبه ذلك، فلما مات ارتحل أكثرهم منها. وقال عياض: قيل لا يحبط أجر هجرة المهاجر بقاؤه بمكة وموته بها إذا كان لضرورة، وإنما يحبطه ما كان بالاختيار، وقال قوم: المهاجر بمكة تحبط هجرته كيف ما كان، وقيل: لم تفرض الهجرة إلا على أهل مكة خاصة. وفيه: أن طلب الغني للورثة أرجح على تركهم عالة، ومن هنا أخذ ترجيح الغني على الفقير. وفيه: جواز تخصيص عموم الوصية المذكورة في القرآن بالسن، وهو قول الجمهور، والله أعلم.
73 ((باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة)) أي: هذا باب في بيان ما ينهى من الحلق، وكلمة: ما، يجوز أن تكون موصولة، ويجوز أن تكون مصدرية.
6921 قال الحكم بن موسى ا حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمان بن جابر أن القاسم بن مخيمرة حدثه. قال حدثني أبو بردة بن موسى رضي الله تعالى عنه قال وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا برىء ممن بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة.
مطابقته للترجمة في قوله: (والحالقة)، وإنما خص الحلق بالذكر، وإن كان حديث الباب مشتملا على ثلاثة أشياء لكونه أبشعها في حق النساء.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: الحكم، بفتحتين: ابن موسى أبو صالح القنطري، بفتح القاف وسكون النون الزاهد، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. الثاني: يحيى بن حمزة أبو عبد الرحمن قاضي دمشق، مات سنة ثمانين ومائة. الثالث: عبد الرحمن بن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، مات سنة أربع وخمسين ومائة. الرابع: القاسم بن مخيمرة، بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالراء: أبو عروة. الخامس: أبو بردة، بضم الباء الموحدة، واسمه: عامر. وقيل: الحارث. السادس: أبوه، أبو موسى الأشعري، واسمه: عبد الله بن قيس.
ذكر لطائف إسناده: فيه: أنه صدر الحديث بقوله: قال الحكم، بدون التحديث أو الإخبار، ووقع في رواية أبي الوقت: حدثنا الحكم، قال بعضهم: هو وهم فإن الذين جمعوا رجال البخاري في (صحيحه) أطبقوا على ترك ذكره في شيوخه، فدل على أن الصواب رواية الجماعة بصيغة التعليق. قلت: قيل: روى عنه ويؤيده رواية أبي الوقت والدارقطني أيضا ذكر الحكم والقاسم ابن مخيمرة فيمن خرج لهما البخاري، وقال ابن التين: إنما لم يسنده البخاري لأنه لا يخرج للقاسم بن مخيمرة، وزعم بعضهم أنه لا يخرج للحكم أيضا إلا هكذا غير محتج بهما. وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد وبصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في أربعة مواضع لأن في بعض النسخ: قال، وقال الحكم: أي: قال البخاري: قال الحكم. وفيه: أن الحكم بغدادي ويحيى بن حمزة شامي بيتلهي من أهل بيت لهيا، قرية بالقرب من دمشق، كان قاضيا بدمشق، وعبد الرحمن أيضا شامي، والقاسم كوفي سكن الشام وأبو بردة كوفي. وفيه: رواية الابن عن الأب، وفيه: من هو مذكور باسم جده. وفيه: من هو مذكور بكنيته، مختلف في اسمه.
وهذا التعليق وصله مسلم، رحمه الله تعالى، في كتاب الإيمان فقال: