وفي الوصايا عن أبي نعيم، وفي النفقات عن محمد بن كثير، وفي الوصايا أيضا عن محمد بن عبد الرحيم عن زكريا بن عدي، وفي الطب أيضا عن مكي بن إبراهيم. وأخرجه مسلم في الوصايا عن يحيى بن يحيى وعن قتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وعن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى وعن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. وأخرجه أبو داود فيه عن عثمان بن أبي شيبة، وأخرجه الترمذي فيه عن محمد بن يحيى. وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن عثمان وفي عشرة النساء عن إسحاق بن إبراهيم وفي اليوم والليلة عن محمد بن سلمة. وأخرجه ابن ماجة في الوصايا أيضا عن هشام بن عمار والحسن بن أبي الحسن المروزي وسهل بن أبي سهل الرازي، ثلاثتهم عن سفيان به.
ذكر معناه: قوله: (يعودني) من العيادة وهي الزيارة. ولا يقال ذلك إلا لزيارة المريض. قوله: (عام حجة الوداع)، نصب على الظرف، وهي السنة العاشرة من الهجرة، وسميت حجة الوداع لأنه ودعهم فيها. وسمي أيضا البلاغ، لأنه قال: هل بلغت؟ وحجة الإسلام: لأنها الحجة التي فيها حج الإسلام ليس فيها مشرك، هذا قول الزهري. وقال سفيان بن عيينة: كان ذلك يوم فتح مكة حين عاد، صلى الله عليه وسلم، سعدا. وهو من أفراده. وقال البيهقي: خالف سفيان الجماعة، فقال: عام الفتح، والصحيح في حجة الوداع. قوله: (من وجع)، الوجع اسم لكل مرض. قال الجوهري: الوجع المرض، والجمع: أوجاع ووجاع، مثل جبل وأجبال وجبال، ووجع فلان يوجع وييجع ويأجع فهو وجع، وقوم وجعون ووجعى، مثل: مرضى ووجاعى، ونساء وجاعى أيضا ووجعات، وبنو أسد يقولون: ييجع، بكسر الياء. قوله: (اشتد بي) أي: قوي علي. قوله: (قد بلغ بي) أي: بلغ أثر الوجع في، ووصل غايته وفي رواية: (أشفيت منه على الموت) أي: قاربت، ولا يقال: أشفى، إلا في الشر، بخلاف أشرف، وقارب. قوله: (ولا ترثني إلا ابنة) اسمها: عائشة، كذا ذكرها الخطيب وغيره، وليست بالتي روى عنها مالك، تيك أخت هذه، وهي تابعية وعائشة لها صحبة، وكان قد زعم بعض من لا علم عنده أن مالكا تابعي بروايته عنها، وليس كذلك. وقوله: (إلا ابنة لي) أي: من الولد وخواص الورثة، وإلا فقد كان له عصبة. وقيل: معناه لا يرثني من أصحاب الفروض سواها. وقيل: من النساء، وهذا قاله قبل أن يولد له الذكور. قوله: (أفأتصدق بثلثي مالي؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار، ويحتمل أن يريد به منجزا أو معلقا، بما بعد الموت، وفي رواية للبخاري تأتي (أفأوصى) يدل: (أفأتصدق؟). قوله: (قال: لا) أي: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تتصدق بالثلثين. قوله: (فقلت: بالشطر؟) أي: أتصدق بالشطر. أي: بالنصف؟ بدليل رواية أخرى للبخاري تأتي: (فأوصي بالنصف) ويروى: (فالشطر؟) بالفاء ورفع الشطر. فإن قلت: بماذا ارتفاع: فالشطر؟ قلت: مرفوع على الابتداء، وخبره محذوف، تقديره: فالشطر أتصدق به. قوله: (ثم قال: الثلث، والثلث...) يجوز في الثلث الأول النصب والرفع، فالنصب على الإغراء أو على تقدير: أعط الثلث والرفع، على أنه فاعل، أي: يكفيك الثلث، أو على أنه مبتدأ محذوف الخبر أو عكسه. والثلث الثاني: مبتدأ، و: كثير، خبره، وهو: بالثاء المثلثة وقوله: كبير، بالباء الموحدة. قوله: (إنك إن تذر) أي: إن تترك، وهذا من الذي أميت ماضيه. قال عياض: رويناه بفتح الهمزة وكسرها. وكلاهما صحيح، وقال ابن الجوزي: سمعناه من رواة الحديث بكسر: إن، وقال لنا عبد الله بن أحمد النحوي: إنما هو بفتح الألف، ولا يجوز الكسر، لأنه لا جواب له. وقال القرطبي: روايتنا بفتح الهمزة، وقد وهم من كسرها بين أن جعلها شرطا لا جواب له، أو يبقى خبرا إلا رافع له. وقال بعضهم: ولا يصح كسرها لأنها تكون شرطية، والشرط لما يستقبل وهو فقد كان فات. انتهى. قلت: التحقيق فيه ما قاله ابن مالك: إن الأصل: إن تركت ورثتك أغنياء فهو خير لك، فحذف الفاء، والمبتدأ ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: (فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها). وقوله: لهلال بن أمية: (البينة وإلا حد في ظهرك)، وذلك مما زعم النحويون أنه مخصوص بالضرورة، وليس مخصوصا بها، بل يكثر استعماله في الشعر ويقل في غيره. ومن خص هذا الحذف بالشعر حاد عن الطريق وضيق حيث لا تضييق. قوله: (عالة) أي: فقراء، وقال ابن التين: العالة، جمع عائل، وقيل: العائل الكثير العيال، حكاه الكسائي وليس بمعروف، بل العائل الفقير. وقيل: العيل والعالة الفقر. قوله: (يتكففون الناس) أي: يطلبون الصدقة من أكف الناس وقيل: يسألونهم بأكفهم. قوله: (وإنك لن تنفق) عطف على قوله: (إنك إن تذر)، وهو علة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلث، كأنه قيل: لا تفعل لأنك إن مت وتذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم فقراء فإن عشت تصدقت بما بقي من الثلث وأنفقت على عيالك يكن خير لك. قوله: (إلا أجرت) على صيغة المجهول. قوله: (بها)، أي: بتلك النفقة. قوله: (حتى ما تجعل)