عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٥٣
من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول أيهم أكثر أخذا للقران فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هاؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم.
.
مطابقته للترجمة من حيث إن بعمومها يدل على نفس الصلاة على الشهيد.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: عبد الله بن يوسف التنيسي، وقد تكرر ذكره. الثاني: الليث بن سعد. الثالث: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الرابع: عبد الرحمن بن كعب بن مالك أبو الخطاب الأنصاري السلمي. الخامس: جابر بن عبد الله الأنصاري.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن شيخه دمشقي نزل تنيس، والليث مصري وابن شهاب وشيخه مدنيان. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي. وفيه: عن عبد الرحمن بن كعب عن جابر، كذا يقول الليث عن ابن شهاب. وقال النسائي: ما أعلم أحدا تابع الليث من ثقات أصحاب الزهري على هذا الأسناد، واختلف على الزهري فيه، ثم ساقه من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة، فذكر الحديث مختصرا، وكذا أخرجه أحمد من طريق محمد بن إسحاق، والطبراني من طريق عبد الرحمن بن إسحاق وعمرو بن الحارث، وكلهم عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة، ورواه عبد الرزاق عن معمرو فزاد فيه جابرا، وهو مما يقوي اختيار البخاري، فإن ابن شهاب صاحب حديث، فيحمل على أن الحديث عنده عن شيخين خصوصا أن في رواية عبد الرحمن بن كعب ما ليس في رواية عبد الله بن ثعلبة. قال الذهبي: عبد الله بن ثعلبة له رؤية ورواية، ورواه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الأنصاري: حدثنا الزهري (حدثنا عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال يوم أحد: من رأى مقتل حمزة؟ فقال رجل: أنا، فخرج حتى وقف على حمزة فرآه وقد شق بطنه ومثل به، فكره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن ينظر إليه، ثم وقف بين ظهري القتلى، فقال: أنا شهيد على هؤلاء، لفوهم في دمائهم فإنه ليس جريح يجرح إلا جاء يوم القيامة يدمى، لونه لون الدم وريحه ريح المسك، وقال: قدموا أكثر القوم قرآنا فاجعلوه في اللحد). قال البيهقي: في هذا زيادات ليست في رواية الليث، وفي رواية الليث زيادة ليست في هذه الرواية، فيحتمل أن تكون روايته عن جابر وعن أبيه صحيحتان وإن كانتا مختلفتين، فالليث بن سعد إمام حافظ، فروايته أولى. ولما ذكر ابن أبي حاتم هذا الحديث في (كتاب العلل) قال: قال أبي يروي هذا عن الزهري عن ابن كعب عن الزهري مرفوعا، وعبد الرحمن بن عبد العزيز هذا شيخ مدني مضطرب الحديث، وروى الحاكم من حديث أسامة بن زيد أن ابن شهاب حدثه أن أنسا حدثه: أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم، وهو صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وفي (العلل) للترمذي: قال محمد: حديث أسامة عن الزهري عن أنس غير محفوظ، غلط فيه أسامة.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الجنائز عن سعيد بن سليمان، وأبي الوليد، وفي المغازي عن قتيبة وفي الجنائز أيضا عن عبدان ومحمد بن مقاتل، وأخرجه أبو داود في الجنائز عن قتيبة ويزيد بن خالد وعن سليمان بن داود. وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة به، وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة به. وأخرجه ابن ماجة فيه عن محمد بن رمح عن الليث به.
ذكر معناه: قوله: (من قتلى أحد)، القتلى جمع: قتيل، كالجرحى جمع جريح. قوله: (في ثوب واحد)، ظاهره تكفين الاثنين في ثوب واحد. وقال المظهري في (شرح المصابيح): معنى ثوب واحد قبر واحد، إذ لا يجوز تجريدهما بحيث تتلاقى بشرتاهما. قوله: (أيهم)، أي: أي القتلى؟ هذه رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: أيهما، أي: أي الرجلين. قوله: (أخذا) على التمييز. قوله: (أنا شهيد على هؤلاء)، أي: أشهد لهم بأنهم بذلوا أرواحهم لله تعالى. قوله: (ولم يغسلوا) على صيغة المجهول،
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»