عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٣٠
أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في خمسة مواضع، وبصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: القراءة على الشيخ. وفيه السؤال وفيه: السماع. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: القول في سبعة مواضع. وفيه: رواية الابن عن الأب. وفيه: عبد الله بن مسلمة مدني سكن البصرة، ومعمر وأحمد بن شبيب وأبوه بصريون، ويونس أيلي، والباقون مدنيون. وفيه: عن سعيد بن أبي سعيد، وحكى الكرماني أن: عن أبيه، ساقط في بعض الطرق. قيل: الصواب إثباته. وكذا أخرجه إسحاق بن راهويه والإسماعيلي وغيرهما من طريق ابن أبي ذئب، وسقط: عن أبيه، عند أبي عوانة في رواية ابن عجلان، وعند ابن أبي شيبة كذلك في رواية عبد الرحمن بن إسحاق وعبد بن حميد بن زنجويه في رواية أبي معشر.
ذكر من أخرجه غيره: الطريق الأول لم يخرجه غيره من بقية الستة. والطريق الثاني: أخرجه مسلم في الجنائز أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن رافع وعبد بن حميد وعن عبد الملك بن شعيب. وأخرجه النسائي فيه عن نوح بن حبيب. وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة. والطريق الثالث: أخرجه مسلم فيه عن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى وهارون بن سعيد. وأخرجه النسائي فيه عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر معناه: قوله: (وحدثني) ذكر بلفظ: الواو، عطفا على مقدر، أي: قال ابن شهاب: حدثني فلان به، وحدثني عبد الرحمن أيضا به. قوله: (حتى يصلي) وفي رواية الكشميهني (حتى يصلي عليه)، وفي أكثر الروايات: اللام، فيه مفتوحة وفي بعضها بكسرها. وحملت: رواية الفتح على رواية الكسر لأن حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يشهد، ولم يبين في هذه ابتداء الحضور، وفي رواية أبي سعيد المقبري بين ذلك حيث قال: من أهلها. وفي رواية خباب عند مسلم: (من خرج مع جنازة من بيتها). وفي رواية أحمد من حديث أبي سعيد الخدري: (فمشى معها من أهلها)، فهذه الأحاديث تقتضي أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة. وقال بعضهم: يحصل أيضا لمن صلى فقط، لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع وصلى. قلت: فيه نظر، لأن كل ما كان قبل الصلاة ليس لأجل الصلاة خاصة، وإنما هو لها ولمعاضدة أهل الجنازة ومعونتهم، ولأجل إظهار الخدمة لهم تطييبا لقلوبهم. والشارع قد نص عن أن الذي يصلي فقط فله قيراط، ولم يتعرض إلى اختلاف القيراط في نفسه. وهذا التصرف فيه تحكم. فإن قلت: يختلف القيراط باختلاف كثرة العمل فيه كما في الجمعة: (من جاء في الساعة الأولى..) الحديث. قلت: هذا القياس لا يصح، لأن عين القيراط نص عليه فلا يمكن أن يتصرف في الشيء المعين المنصوص عليه بالزيادة والنقصان، بخلاف الجمعة فإن الاختلاف فيه ليس في شيء بعينه. فافهم. قوله: (كان له قيراطان) ظاهره أنهما غير قيراط الصلاة، وبذلك جزم البعض، وحكاه ابن التين عن القاضي أبي الوليد. لكن رواية الحسن ومحمد بن سيرين صريحة في أن الحاصل من الصلاة ومن الدفن قيراطان فقط، وروايتهما قد مرت في: باب اتباع الجنائز من الإيمان، في كتاب الإيمان رويا عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد. ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط). وقال النووي: رواية ابن سيرين صريحة في أن المجموع قيراطان. قلت: يحتمل أن تكون رواية الأعرج عن أبي هريرة متأخرة عن رواية ابن سيرين عنه. قوله: (حتى تدفن) اختلف فيه أن حصول القيراطين يحصل بمجرد وضع الميت في القبر أو عند انتهاء الدفن قبل إهالة التراب أو بعد الفراغ بالكلية، وبكل ذلك ورد الخبر. ففي رواية مسلم من طريق معمر في إحدى الروايتين عنه: (حتى يفرغ منها)، وفي الأخرى: (حتى توضع في اللحد)، وفي رواية أبي حازم عنده: (حتى توضع في القبر)، وفي رواية أبي مزاحم عند أحمد: (حتى يقضي قضاءها)، وفي رواية أبي سلمة عند الترمذي: (حتى يقضي دفنها). وفي رواية ابن عياض عند أبي عوانة: (حتى يسوى عليها)، أي: التراب. وقال شيخنا زين الدين: الصحيح عند أصحاب الشافعي أن ذلك يتوقف على كمال الدفن لا على وضعه في اللحد، وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنه يحصل بمجرد الوضع في اللحد. قوله: (قيل: وما القيراطان؟) قال بعضهم: لم يعين ههنا
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»