عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٤١
عمر أن الذي كان صلى على أبي بكر أو عمر، أقرأ عليه بفاتحة الكتاب، وقال ابن بطال: روي عن ابن الزبير وعثمان بن حنيف أنهما كانا يقرآن عليها بالفاتحة، وفي (كتاب الجنائز) للمزني: وبلغنا أن أبا بكر وغيره من الصحابة كانوا يقرؤون بأم القرآن عليها. وفي (المحلى): صلى المسور بن مخرمة فقرأ في التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة قصيرة رفع بهما صوته، فلما فرغ قال: لا أجهل أن تكون هذه الصلاة عجماء، ولكني أردت أن أعلمكم أن فيها قراءة. وروي عن أبي الدرداء وأنس وأبي هريرة: أنهم كانوا يقرأون بالفاتحة. قلت: قد ذكرنا في أول الباب عن جماعة من الصحابة والتابعين أن لا قراءة في صلاة الجنازة، وعن ابن مسعود: لم يوقت فيها النبي صلى الله عليه وسلم قولا ولا قراءة، ولأن ما لا ركوع فيه لا قراءة فيه كسجود التلاوة، واستدل الطحاوي على ترك القراءة في الأولى بتركها في باقي التكبيرات، وبترك التشهد. وقال: لعل، قراءة من قرأ الفاتحة من الصحابة كان على وجه الدعاء لا على وجه التلاوة.
ومن الدعاء للميت ما رواه مسلم (عن عوف بن مالك، رضي الله تعالى عنه، يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبد له دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت). وروى أبو داود من حديث أبي هريرة قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا. اللهم من أحييته منا فأحيه من الإيمان، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده). وروى أيضا (عن واثلة بن الأسقع، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين، فسمعته يقول: اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك، فقه من عذاب القبر). قال عبد الرحمن شيخ أبي داود: (في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق. اللهم اغفر له وارحمه أنك أنت الغفور الرحيم). والحبل العهد والميثاق. وروى الترمذي من حديث أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه (قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة قال: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا). قال الترمذي: سألت محمدا يعني: البخاري عن اسم أبي إبراهيم الأشهلي فلم يعرفه. وروى الحاكم في (المستدرك) من حديث يزيد بن ركانة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي على الجنازة قال: اللهم عبدك وابن عبدك احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه). وروى المستغفري في (الدعوات) من حديث علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا علي: إذا صليت على جنازة فقل: اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ماض فيه حكمك، ولم يكن شيئا مذكورا، إزارك وأنت خير مزور. اللهم لقنه حجته وألحقه بنبيه، ونزله في قبره ووسع عليه في مدخله وثبته بالقول الثابت فإنه افتقر إليك واستغنيت عنه، وكان يشهد أن لا إله إلا أنت فاغفر له، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده. يا علي: وإذا صليت على امرأة فقل: أنت خلقتها ورزقتها، وأنت أحييتها وأنت أمتها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، جئناك شفعاء لها اغفر لها، اللهم لا تحرمنا أجرها ولا تفتنا بعدها. يا علي: وإذا صليت على طفل فقل: اللهم اجعل لأبويه سلفا، واجعله لهما فرطا، واجعله لهما نورا وسدادا، أعقب والديه الجنة إنك على كل شيء قدير). وروى الطبراني من حديث عبد الله بن حارث عن أبيه (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، علمهم الصلاة على الميت: اللهم اغفر لأحيائنا وأمواتنا، وأصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا. اللهم هذا عبدك فلان بن فلان لا تعلم إلا خيرا، وأنت أعلم به. فاغفر لنا وله).
66 ((باب الصلاة على القبر بعدما يدفن)) أي: هذا باب في بيان الصلاة على القبر بعدما يدفن الميت فيه، وهذا من المسائل المختلف فيها، فلذلك أطلق الترجمة بالجواز أو بعدمه، وكلمة: ما، مصدرية أي: بعد الدفن.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»