(فإذا كسل أو فتر فليقعد)، ظاهر السياق يدل على أن المعنى أنه: إذا عيى عن القيام، وهو يصلي فليقعد. فيستفاد منه جواز القعود في أثناء الصلاة بعد افتتاحها قائما. وقال بعضهم: ويحتمل أن يكون أمر بالقعود عن الصلاة، يعني ترك ما عزم عليه من التنفل قلت: هذا احتمال بعيد غير ناشيء عن دليل، وظاهر الكلام ينافيه.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: الحث على الاقتصاد في العبادة والنهي عن التعمق والأمر بالإقبال عليها بنشاطه. وفيه: أنه إذا فتر في الصلاة يقعد حتى يذهب عنه الفتور. وفيه: إزالة المنكر باليد لمن يتمكن منه. وفيه: جواز تنفل النساء في المسجد، فإن زينب كانت تصلي فيه فلم ينكر عليها. وفيه: كراهة التعلق بالحبل في الصلاة. وفيه: دليل على أن الصلاة جميع الليل مكروهة، وهو مذهب الجمهور، وروي عن جماعة من السلف أنه: لا بأس به، وهو رواية عن مالك، رحمه الله تعالى، إذا لم ينم عن الصبح.
1511 قال وقال عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كانت عندي امرأة من بني أسد فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هاذه قلت فلانة لا تنام الليل فذكر من صلاتها فقال مه عليكم ما تطيقون من الأعمال فإن الله لا يمل حتى تملوا.
(أنظر الحديث 34).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وهو زجرهصلى الله عليه وسلم بقوله: (مه) إلى آخره، فإن حاصل معناه النهي عن التشديد في العبادة، ورجاله على هذا الوجه قد مروا غير مرة، وهذا تعليق رواه في كتاب الإيمان في: باب أحب الدين إلى الله أدومه، وقال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى عن هشام، قال: أخبرني أبي (عن عائشة، رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة..) الحديث. قوله: قال عبد الله) هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الحموي والمستملي: حدثنا عبد الله، وهكذا في (الموطأ) رواية القعنبي. وقال ابن عبد البر: تفرد القعنبي بروايته عن مالك في (الموطأ) دون بقية رواته، فإنهم اقتصروا منه على طرف مختصر، ورواه أبو نعيم من حديث محمد بن غالب عن عبد الله بن مسلمة عن مالك، ووقع في آخره: رواه البخاري، قال: قال عبد الله بن مسلمة، وأسنده الإسماعيلي من طريق يونس عن ابن وهب عن مالك، ورواه مسلم من حديث ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة. قوله: (فلانة)، غير منصرف، واسمها: حولاء، بفتح الحاء المهملة وبالمد. وكانت عطارة. قوله: (الليل) نصب على الظرفية، ويروى: (بالليل) أي: في الليل. قوله: (فذكر)، بفاء العطف، و: ذكر، على صيغة المجهول من الماضي، وهو رواية الكشميهني، وفي رواية المستملي: بصيغة المعلوم من المضارع، وفي رواية الحموي على صيغة المجهول للمذكر من المضارع، ولكل واحد منها وجه، فرواية المستملي من قول عروة أو من دونه، وفي رواية الآخرين يحتمل أن يكون من كلام عائشة، وعلى كل حال هو تفسير لقولها: (لا تنام الليل). قوله: (مه)، بفتح الميم وسكون الهاء، ومعناه: أكفف،. قوله: (عليكم)، اسم فعل معناه: الزموا. قوله: (ما تطيقون)، مرفوع أو منصوب به. قوله: (الأعمال) عام في الصلاة وغيرها، وحمله الباجي وغيره على الصلاة خاصة، لأن الحديث ورد فيها، وحمله على العموم أولى. لأن العبرة لعموم اللفظ. قوله: (لا يمل)، بفتح الميم: أي لا يترك الثواب حتى تتركوا العمل بالملل، وهو من باب المشاكلة، وقد مر الكلام فيه في الباب المذكور مستوفى.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: الاقتصاد في العبادة والحث عليه. وفيه: النهي عن التعمق. وقال تعالى: * (لا تغلوا في دينكم) * (النساء: 171، المائدة: 77). والله أرحم بالعبد من نفسه وإنما كره التشديد في العبادة خشية الفتور، والملالة. وقال تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * (البقرة: 682). وقال: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * (الحج: 87). وفيه: مدح الشخص بالعمل الصالح.
91 ((باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه)) أي: هذا باب في بيان كراهة ترك قيام الليل، وهو الصلاة فيه لمن كان له عادة بالقيام، وذلك لأنه يشعر بالإعراض عن العبادة.
2511 حدثنا عباس بن الحسين قال حدثنا مبشر عن الأوزاعي ح وحدثني محمد بن