الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وحي. وأما سبق بلال النبي صلى الله عليه وسلم في الدخول في هذه الصورة فليس هو من حيث الحقيقة، وإنما هو بطريق التمثيل لأن عادته في اليقظة أنه كان يمشي أمامه، فلذلك تمثل له في المنام، ولا يلزم من ذلك السبق الحقيقي في الدخول. ومنها ما قيل: إن دخول بلال الجنة وحصول هذه المنقبة له إنما كان بسبب تطهره عند كل حدث وصلاته عند كل وضوء بركعتين، كما صرح به في آخر حديث بريدة، بقوله: (بهما)، أي: بالتطهر عند كل حدث والصلاة بركعتين عند كل وضوء، وقد جاء: (إن أحدكم لا يدخل الجنة بعمله؟) قلت: أصل الدخول برحمة الله تعالى، وزيادة الدرجات والتفاوت فيها بحسب الأعمال، وكذا يقال في قوله تعالى: * (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) * (النحل: 23).
81 ((باب ما يكره من التشديد في العبادة)) أي: هذا باب في بيان كراهة التشديد، وهو تحمل المشقة الزائدة في العبادة، وذلك لمخافة الفتور والإملال، ولئلا ينقطع المرء عنها، فيكون كأنه رجع فيما بذله من نفسه وتطوع به.
0511 حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ما هاذا الحبل قالوا هاذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فعتر فليقعد.
مطابقته للترجمة وهو إنكاره صلى الله عليه وسلم على فعل زينب في شدها الحبل لتتعلق عند الفتور.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: أبو معمر، بفتح الميمين، واسمه عبد الله بن عمرو المنقري المقعد. الثاني: عبد الوارث بن سعيد التنوري أبو عبيدة. الثالث: عبد العزيز بن صهيب البناني الأعمى. الرابع: أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنهم.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رجاله كلهم بصريون. وفيه: أن شيخه مذكور بكنيته، وشيخ شيخه مذكور بلا نسبة.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن شيبان بن فروخ. وأخرجه النسائي وابن ماجة، كلاهما فيه عن عمران بن موسى، وذكر الحميدي هذا الحديث من أفراد البخاري، وليس كذلك فإن مسلما أيضا أخرجه كما ذكرنا.
ذكر معناه: قوله: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم) أي: المسجد، وكذا في رواية مسلم. قوله: (فإذا حبل) كلمة: إذا، للمفاجأة. قوله: (بين الساريتين) أي: الأسطوانتين، وكأنهما كانتا معهودتين، فلذلك ذكرهما بالألف واللام التي للعهد، وفي رواية مسلم: (بين ساريتين)، بلا ألف ولام. قوله: (لزينب)، ذكر الخطيب في مبهماته أن زينب هذه هي: زينب بنت جحش الأسدية المدنية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي أنزل الله تعالى في شأنها: * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) * (الأحزاب: 73). ماتت سنة عشرين، وتبعه الكرماني، وذكره هكذا. وقال صاحب (التوضيح): أن ابن أبي شيبة رواه كذلك، وليس في (مسنده) ولا في (مصنفه) غير ذكر زينب مجردة، وروى أبو داود هذا الحديث عن شيخين له، عن إسماعيل بن علية فقال أحدهما: زينب، ولم ينسبها، وقال الآخر: حمنة بنت جحش، وهي أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وروى أحمد من طريق حماد عن حميد عن أنس أنها: حمنة بنت جحش، ووقع في صحيح ابن خزيمة من طريق شعبة عن عبد العزيز فقالوا: ميمونة بنت الحارث، وهي رواية شاذة قلت: لا مانع من تعدد القضية. قوله: (فإذا فترت)، بفتح الفاء والتاء المثناة من فوق، أي: إذا كسلت عن القيام (تعلقت) أي: بالحبل، وفي رواية مسلم: (فإذا فترت أو كسلت) بالشك. قوله: (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا) يحتمل أن تكون كلمة: لا، هذه للنفي أي: لا يكون هذا الحبل أو لا يمد، ويحتمل أن تكون للنهي، أي: لا تفعلوه، وسقطت هذه الكلمة في رواية مسلم، قوله: (حلوة) بضم الحاء واللام المشددة، أمر للجماعة من الحل. قوله: (ليصل)، بكسر اللام. قوله: (نشاطه)، بفتح النون، أي: ليصل أحدكم مدة نشاطه، فيكون انتصابه بنزع الخافض. وروى: (بنشاطه)، أي: ملتبسا به. قوله: (فإذا فتر فليقعد)، وفي رواية أبي داود: