عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٢٠٦
فضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار، وهو الشق الثاني من رواية الكشميهني، وعليه اقتصر الإسماعيلي وأكثر الشراح.
9411 حدثنا إسحاق بن نصر قال حدثنا أبو أسامة عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة قال ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذالك الطهور ما كتب لي أن أصلي.
مطابقته للترجمة لا تتأتى إلا في الشق الثاني من رواية الكشميهني، وهو قوله: (وفضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار).
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: إسحاق بن نصر، وهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر، فالبخاري يروي عنه في (الجامع) في غير موضع، لكنه تارة يقول: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر، وتارة يقول: حدثنا إسحاق بن نصر فينسبه إلى جده. الثاني: أبو أسامة حماد بن أسامة. الثالث: أبو حيان، بتشديد الياء آخر الحروف: واسمه يحيى بن سعيد، ووقع في (التوضيح): يحيى بن حيان وهو غلط. الرابع: أبو زرعة، اسمه هرم بن جرير بن عبد الله البجلي. الخامس: أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: ذكر الراوي باسم جده. وفيه: ثلاثة من الرواة مذكورون بالكنية وآخر من الصحابة. وفيه: أن شيخه بخاري وأبو أسامة وأبو حيان وأبو زرعة كوفيون.
وقال المزي في (الأطراف): أخرجه مسلم في الفضائل عن عبيد بن يعيش وأبي كريب محمد بن العلاء، كلاهما عن أبي أسامة، وعن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه عن أبي حيان به، وأخرجه النسائي في المناقب عن محمد بن عبد الله المخزومي عن أبي أسامة به.
ذكر معناه: قوله: (قال لبلال)، هو: ابن رباح المؤذن. قوله: (في صلاة الفجر)، إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام، لأن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يقص ما رآه غيره من أصحابه بعد صلاة الفجر، على ما يأتي في كتاب التعبير. قوله: (بأرجى عمل) أرجى: على وزن: أفعل التفضيل، بمعنى المفعول، لا بمعنى الفاعل، وأضيف إلى العمل لأنه الداعي إليه. وهو السبب فيه. قوله: (في الإسلام) وفي رواية مسلم: (حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة)، قوله: (فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة) وفي رواية مسلم: (فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي) قوله: (في الجنة)، وفي رواية الإسماعيلي: (حفيف نعليك)، وفي رواية الحاكم على شرط الشيخين: (يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة؟) دخلت البارحة فسمعت خشخشتك أمامي)، وعند أحمد والترمذي. (فإني سمعت خشخشة نعليك) والخشخشة الحركة التي لها صوت كصوت السلاح، وفي رواية ابن السكن: دوي نعليك)، بضم الدال المهملة، يعني: صوتهما. وأما الدف فهو، بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء. قال ابن سيده: الدفيف، سير لين، دف يدف دفيفا، ودف الماشي على وجه الأرض إذا جد، ودف الطائر وأدف: ضرب جنبيه بجناحيه. وقيل: هو إذا حرك جناحيه ورجلاه في الأرض. وزعم أبو موسى المديني في (المغيث): أن حديث بلال هذا: (سمعت دف نعليك) أي: حفيفهما، وما يحس من صوتهما عند وطئهما، وذكره صاحب (التتمة) بالذال المعجمة، وأصله: السير السريع، وقد يقال: دف نعليك، بالدال المهملة ومعناهما: قريب. قوله: (أني) بفتح الهمزة، وكلمة: من، مقدرة قبلها ليكون صلة أفعل التفضيل، وجاز الفاصلة بالظرف بين أفعل وصلته، هذا ما قاله الكرماني، وتحريره: أن أفعل التفضيل لا يستعمل في الكلام إلا بأحد الأشياء الثلاثة وهي: الألف واللام، والإضافة، وكلمة: من. وههنا لفظ: (أرجى)، أفعل التفضيل كما قلنا، وهي خالية عن هذه الأشياء فقدر كلمة: من، تقديره: ما عملت عملا أرجىء من أني لم أتطهر طهورا، أي: لم أتوضأ وضوءا، وهو يتناول الغسل أيضا. قوله: وجاز الفاصلة بالظرف، أراد بالفاصلة هنا قوله: (عندي) فإنه ظرف فصل به بين كلمة: (أرجىء) وبين كلمة: من، المقدرة. فافهم. قوله: (طهورا)، بضم الطاء، وفي رواية مسلم: (طهورا تاما)، ويحترز بالتمام عن الوضوء اللغوي وهو: غسل اليدين، لأنه قد يفعل ذلك لطرد النوم. قوله: (في ساعة)، بالتنوين. قوله:
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»