احتج به الأئمة الستة ووثقه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم ومحمد بن سعد والنسائي وابن حبان؟ قلت: سلمنا ذلك، ولكن الأجوبة الباقية تكفي لدفع الوجوب بحديث أبي هريرة. القول الرابع: أنه بدعة، وممن قال به من الصحابة: عبد الله بن مسعود وابن عمر على اختلاف عنه، فروى ابن أبي شيبة في (مصنفه) من رواية إبراهيم قال: قال عبد الله: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة والحمار، إذا سلم فقد فصل، وروى أيضا ابن أبي شيبة من رواية مجاهد، قال: صحبت ابن عمر في السفر والحضر فما رأيته اضطجع بعد الركعتين: ومن رواية سعيد بن المسيب قال: رأى ابن عمر رجلا يضطجع بين الركعتين، فقال: أحصبوه، ومن رواية أبي مجلز، قال: سألت ابن عمر عن ضجعة الرجل على يمينه بعد الركعتين قبل صلاة الفجر؟ قال: يتلعب بكم الشيطان، ومن رواية زيد العمي عن أبي الصديق الناجي، قال: رأى ابن عمر قوما اضطجعوا بعد ركعتي الفجر، فأرسل إليهم فنهاهم، فقالوا: نريد بذلك السنة، فقال ابن عمر: إرجع إليهم فأخبرهم أنها بدعة. وممن كره ذلك من التابعين: الأسود بن زيد وإبراهيم النخعي: وقال: هي ضجعة الشيطان، وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، ومن الأئمة: مالك ابن أنس وحكاه القاضي عياض عنه وعن جمهور العلماء. القول الخامس: إنه خلاف الأولى، روى ابن أبي شيبة في (مصنفه): عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر. القول السادس: أنه ليس مقصودا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر وبين الفريضة إما باضطجاع أو حديث أو غير ذلك، وهو محكي عن الشافعي كما ذكرنا.
النوع الثالث: أنه على قول من يراه مستحبا أو سنة أن يكون على يمينه لورود الحديث به، كذلك، وهل تحصل سنة الاضطجاع بكونه على شقه الإيسر، أما مع القدرة على ذلك فالظاهر أنه لا تحصل به السنة لعدم موافقته للأمر، وأما إذا كان به ضرر في الشق الأيمن لا يمكن معه الاضطجاع أو يمكن لكن مع مشقة، فهل يضطجع على اليسار أو يشير إلى الاضطجاع على الجانب الأيمن لعجزه عن كماله كما يفعل من عجز عن الركوع والسجود في الصلاة؟ قال شيخنا زين الدين: لم أر لأصحابنا فيه نصا وجزم ابن حزم بأنه يشير إلى الاضطجاع على الجانب الأيمن ولا يضطجع على الأيسر.
النوع الرابع: في الحكمة على الجانب الأيمن، وهي أن القلب في جهة اليسار، فإذا نام على اليسار استغرق في النوم لاستراحته بذلك، وإذا نام على جهة اليمين تعلق في نومه فلا يستغرق.
42 ((باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع)) أي: هذا باب في بيان من تحدث بعد ركعتي الفجر، والحال أنه لم يضطجع، وأشار البخاري بهذا إلى أن الاضطجاح لم يكن إلا للفصل بين ركعتي الفجر وبين الفريضة، وأن الفصل أعمل من أن يكون بالاضطجاع أو بالحديث أو بالتحول من مكانه.
1611 حدثنا بشر بن الحكم قال حدثنا سفيان قال حدثني سالم أبو النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة.
.
مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفحر، وكانت عائشة مستيقظة كان يتحدث معها، ولا يضطجع، فدل ذلك أن الاضطجاع لا يتعين للفصل كما ذكرنا.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: ابن الحكم، بالحاء المهملة والكاف المفتوحتين: العبدي، بسكون الباء الموحدة: النيسابوري، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. الثاني: سفيان بن عيينة. الثالث: أبو النضر، بفتح النون وسكون الضاد المعجمة: واسمه سالم بن أبي أمية، مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي. الرابع: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. الخامس: عائشة، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن شيخه نيسابوري كما ذكرنا، وسفيان مكي وسالم وأبو سلمة مدنيان.