عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٨١
805 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان غير مرة عن الزهري قال سمعت أنس بن مالك يقول سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس وربما قال سفيان من فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا وقعدنا. وقال سفيان مرة صلينا قعودا فلما قضى الصلاة قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا قال سفيان كذا جاء به معمر قلت نعم قال لقد حفظ كذا قال الزهري ولك الحمد حفظت من شقه الأيمن فلما خرجنا من عند الزهري قال ابن جريج وأنا عنده فجحش ساقه الأيمن..
مطابقته للترجمة تؤخذ بالتعسف، لأن قوله: (وإذا سجد فاسجدوا) يقتضي أن يسجد القوم حين يسجد الإمام، ولا يكون ذلك إلا بالهوي، وقد ذكرنا في أول الباب أن للهوي صفتين: قولية وفعلية، وحديث أنس هذا يدل على الصفة الفعلية، وحديث أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، السابق يدل عليهما جميعا، وكلاهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد علم أن هوي النبي صلى الله عليه وسلم إلى السجود كان مشتملا على الفعل والقول، وحديث أنس هذا أيضا يدل عليهما بهذه الطريقة، لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وأمورها. فافهم.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: علي بن عبد الله بن جعفر أبو الحسن المدني، يقال له: ابن المديني البصري، وقد مر غير مرة. الثاني: سفيان بن عيينة. الثالث: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الرابع: أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: السماع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: تأكيد رواية سفيان عن الزهري بقوله: غير مرة، لأنه يدل على التكرار. وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده. وفيه: أن رواته ما بين بصري ومكي ومدني.
وقد روى البخاري هذا الحديث في: باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب عن أنس. وأخرجه أيضا عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، في هذا الباب، وقد ذكرنا فيه ما يتعلق به من الأشياء التي يحتاج إليها، ونذكر ههنا ما لم نذكر هناك.
فقوله: (ربما)، كلمة: ربما، في الأصل للتقليل، ولكن تستعمل كثيرا للتكثير. قوله: (من فرس) يعني بلفظ: من، لا بلفظ: عن، وفيه إشارة إلى محافظة علي بن عبد الله على الإتيان بألفاظ الحديث، وتنبيه على تثبته في هذا الباب. قوله: (فجحش)، بضم الجم وكسر الحاء المهملة أي: خدش، ووقع في قصر الصلاة عن ابن عيينة بلفظ: (جحش أو خدش) على الشك. قوله: (نعوده)، جملة وقعت حالا. قوله: (قعودا)، يجوز أن يكون مصدرا بمعنى: قاعدين، ويجوز أن يكون جمع قاعد، كالركوع جمع راكع، والسجود جمع ساجد. وعلى كل حال انتصابه على الحالية. قوله: (قال) أي: النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (معمر)، بفتح الميمين ابن راشد البصري، أي: قال سفيان سائلا: من ابن المديني علي بن عبد الله المذكور مثل الذي رويته أنا؟ أورده معمر أيضا، وهمزة الاستفهام مقدرة قبل قوله: كذا، قوله: (قلت: نعم) القائل علي بن عبد الله. قوله: (قال: لقد حفظ) أي: قال سفيان: والله لقد حفظ معمر عن الزهري حفظا صحيحا مضبوطا. قوله: (كذا قال الزهري) أي: كما قال معمر قال الزهري: (ولك الحمد) أي: بالواو، وهذا تفسير وبيان لقوله: (كذا قال) أي: حفظ كما قال الزهري بالواو، وفيه إشارة إلى أن بعض أصحاب الزهري لم يذكروا الواو في: ولك الحمد، كما وقع في رواية الليث وغيره عن الزهري، وقد تقدم ذلك في: باب إيجاب التكبير. قوله: (حفظت)، أي: قال سفيان: حفظت من الزهري أنه قال فجحش من شقه الأيمن، (فلما خرجنا من عند الزهري قال ابن جريج)، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: قوله: (وأنا عنده) أي: وأنا كنت عند الزهري، فقال: فجحش ساقه الأيمن، بلفظ الساق بدل الشق، وقال الكرماني: (وأنا عنده) عطف على مقدر، أو هو جملة حالية من فاعل قال مقدرا، إذ تقديره: قال
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»