عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٨٦
وحكى: أمحشته. وقال الداودي: امتحشوا: انقبضوا واسودوا. قوله: (ماء الحياة) هو الذي من شربه أو صب عليه لم يمت أبدا. قوله: (كما تنبت الحبة)، بكسر الحاء هو: بزور الصحراء مما ليس بقوت، ووجه الشبه في سرعة النبات، ويقال: شبه نباته بنبات الحبة لبياضها ولسرعة نباتها لأنها تنبت في يوم وليلة، لأنها رويت من المياء وترددت في غثاء السيل. قوله: (في حميل السيل)، بفتح الحاء المهملة وكسر الميم، وهو ما جاء به السيل من طين ونحوه. قوله: (ثم يفرغ الله من القضاء)، اسناد الفراغ إلى الله ليس على سبيل الحقيقة، إذ الفراغ هو الخلاص عن المهام، والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن، والمراد منه إتمام الحكم بين العباد بالثواب والعقاب. وقال القرطبي: معناه كمل خروج الموحدين من النار. قوله: (دخولا) نصب على التمييز، ويجوز أن يكون حالا، على أن يكون: دخولا، بمعنى: داخلا. قوله: (الجنة)، بالنصب على أنه مفعول: دخولا. قوله: (مقبلا) نصب على أنه حال من الأحوال المترادفة أو المتداخلة، ويروى: (مقبل)، بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو مقبل بوجهه إلى جهة النار. قوله: (قد قشبني)، بفتح القاف والشين المعجمة المخففة المفتوحة وبالباء الموحدة، وقال السفاقسي: كذا هو عند المحدثين، وكذا ضبطه بعضهم، والذي في اللغة الشين ومعناه سمني، وقال الفارابي في باب: فعل، بفتح العين من الماضي وكسرها من المستقبل، قشبه، أي: سقاه السم، وقشب طعامه أي: سمه. وفي (المنتهى) لأبي المعالي: القشب أخلاط تخلط للنسر فيأكلها فيموت، فيؤخذ ريشه. يقال له: ريش قشيب ومقشوب، وكل مسموم قشيب، وقال أبو عمر: القشب هو السم، وقشبه سقاه السم، وفي (النوادر) للهجري: ومعنى القشب هو السم لغير الناس، يقشب به السباع والطير فيقتلها. وفي (المحكم): القشب والقشيب: السم، والجمع أقشاب، وقشب له: سقاه السم، وقشب الطعام يقشبه قشبا: إذا لطخ بالسم. وفي (كتاب ابن طريف): أقشب الشيء إذا خالطه بما يفسده من سم أو غيره، وعند أبي حنيفة القشب: نبات يقتل الطير. وقال الخطابي: يقال قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه، وأخذ بكظمه وهو انقطاع نفسه، وأصله: خلط السم. يقال: قشبه إذا سمه، ومنه حديث عمر، رضي الله تعالى عنه، (أنه كان بمكة فوجد ريح طيب، فقال: من قشبنا؟ فقال معاوية: يا أمير المؤمنين دخلت على أم حبيبة فطيبتني). قوله: (وأحرقني ذكاؤها) قال النووي: كذا وقع في جميع الروايات في هذا الحديث: (ذكاؤها) بالمد وبفتح الذال المعجمة ومعناه: لهبها واشتعالها وشدة وهجها، والأشهر في اللغة: ذكاها، مقصورا، وذكر جماعات أن المد والقصر لغتان. انتهى. قال صاحب (التلويح): وفيه نظر. قلت: ذكر وجه النظر وهو أنه عد كتبا عديدة في اللغة وشروح دواوين الشعراء، ثم قال: وكلهم نصوا على قصره لا يذكرون المد في ورد ولا صدر، حاشا ما وقع في (كتاب النبات) لأبي حنيفة الدينوري، فإنه قال في موضع السعار: حر النار وذكااؤها، وفي آخر: ولهبها ذكاء لهبها، وفي موضع آخر: مع ذكاء وقودها، وفي آخر: وقد ضربت العرب المثل بجمر الغضا لذكائه، ورد عليه أبو القاسم علي بن حمزة الأصبهاني فقال: كل هذا غلط، لأن ذكاء النار مقصور يكتب بالألف. لأنه من الواوي من قولهم: ذكت النار تذكو وذكو النار وذكاكها بمعنى، وهو التهابها. ويقال أيضا: ذكت النار تذكو ذكوا وذكوا، فأما ذكاء بالمد فلم يأت عنهم بالمد في النار، وإنما جاء في الفهم. قوله: (هل عسيت)، بفتح السين ذكره صاحب (الفصيح)، وفي (الموعب): لم يعرف الأصمعي: عسيت، بالكسر، قال: وقد ذكره بعض القراء وهو خطأ، وعن الفراء: لعلها لغة نادرة. وفي (شرح المطرزي) عن الفراء: كلام العرب العالي: عسيت، بفتح السين، ومنهم من يقول: عسيت، وقال ابن درستويه في كتابه: (تصحيح الفصيل): العامة تقول: عسيت، بكسر السين وهي لغة شاذة، وقال ابن السكيت في كتابه: (فعلت وأفعلت): عسيت، بالكسر لغة رديئة. وقال ابن قتيبة: ويقولون: ما عسيت، وإلأجود الفتح، كذا قاله ثابت (فيما يلحن فيه). وقال أبو عبيد بن سلام في كتابه (في القراءات): كان نافع يقرأ عسيتم، بالكسر، والقراءة عندنا بالفتح، لأنها أعرب اللغتين، ولو كانت: عسيتم، بالكسر لقرىء: عسى ربنا، أيضا، وهذا الحرف لا نعلمهم اختلفوا في فتحه، وكذلك سائر القرآن، ثم إعلم أن: عسى، من الآدميين يكون للترجي والشك، ومن الله للإيجاب واليقين. قوله: (ذلك) إشارة إلى الصرف الذي يدل عليه. قوله: (إصرف وجهي عن النار). قوله: (فيعطي الله) مفعوله محذوف أي: فيعطي الرجل المذكور. قوله: (ما شاء) ويروى (ما يشاء)، بياء المضارعة. قوله: (العهد والميثاق)، العهد: يأتي لمعان، بمعنى: الحفاظ، ورعاية الحرمة والذمة والأمان واليمين والوصية، والميثاق، العهد أيضا، وهو على وزن مفعال، من الوثاق، وهو في
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»