عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٧٧
801 حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن البراء رضي الله تعالى عنه قال كان ركوع النبي وسجوده وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريبا من السواء. (انظر الحديث 792 وطرفه).
مطابقه للترجمة من حيث إنه لما كان ركوعه صلى الله عليه وسلم ورفع رأسه منه قريبا من السواء، وكان يطمئن في ركوعه وكذلك كان يطمئن في رفع رأسه من ركوعه، طابق الترجمة من هذه الحيثية. وقد مضى هذا الحديث في: باب حد إتمام الركوع والاعتدال، غير أنه رواه هناك: عن بدل بن المحبر عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى... إلى آخره. وههنا: عن أبي الوليد عن شعبة.. إلى آخره. وذكر هناك. قوله: (ما خلا القيام والقعود)، ولم يذكره ههنا. وقد ذكرنا هناك جميع ما يتعلق به من الأشياء.
802 حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال كان مالك بن الحويرث يرينا كيف كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وذاك في غير وقت صلاة فقام فأمكن القيام ثم ركع فأمكن الركوع ثم رفع رأسه فانصب هنية قال فصلى بنا صلاة شيخنا هذا أبي بريد وكان أبو يزيد إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة استوى قاعدا ثم نهض مطابقته للترجمة في قوله: (ثم رفع رأسه فانصب هنية). وهذا الحديث أخرجه البخاري في: باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة، وههنا: عن سليمان بن حرب عن حماد ابن زيد عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، ولكن في المتن اختلاف كما ترى، وقد ذكرنا هناك ما يتعلق به من الأشياء، ونذكر ههنا ما لم نذكره هناك للاختلاف في المتن.
قوله: (في غير وقت الصلاة) ويروى: (في غير وقت صلاة)، بدون الألف واللام. قوله: (يرينا)، بضم الياء، من الإراءة. قوله: (وذاك) إشارة إلى فعله صلى الله عليه وسلم من الصلاة في غير وقتها، لأجل التعليم. قوله: (فأمكن) أي: مكن، يقال: مكنه الله من الشيء وأمكنه بمعنى واحد. قوله: (فانصب) بفتح الصاد المهملة وتشديد الباء الموحدة. قال بعضهم: هو من الصب. قلت: ليس كذلك، بل هو من الإنصاب كأنه كنى عن رجوع أعضائه عن الانحناء إلى القيام بالانصباب، وهذه هي الرواية المشهورة، وهي رواية الأكثرين. وفي رواية الكشميهني: (فانصت)، بالتاء المثناة من فوق من: الإنصات، وهو السكوت. وقال الكرماني: يعني: لم يكبر للهوي في الحال، وقال بعضهم: فيه نظر، والأوجه أن يقال: هو كناية عن سكون أعضائه، عبر عن عدم حركتها بالإنصات، وذلك دال على الطمأنينة. انتهى. قلت: الذي قاله الكرماني هو الأوجه لأن تأخير تكبير الهوي دليل على الطمأنينة، فلا حاجة إلى جعل هذا كناية عن سكون أعضائه، ولا يصار إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة، كما عرف في موضعه، وحكى ابن التين أن بعضهم ضبطه بالتاء المثناة من فوق المشددة، ثم قال: أصله: انصوت، فأبدل من الواو تاء، ثم أدغمت التاء في الأخرى، وقياس إعلاله: انصات، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا. قال: ومعنى إنصات: استوت قامته بعد الانحناء، هذا كلام من لم يذق شيئا من الصرف. وقاعدة الصرف لا تقتضي أن تبدل من الواو تاء، بل القاعدة في مثل: انصوت أن تقلب: الواو، ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقد قال الجوهري: وقد أنصت الرجل إذا استوت قامته بعد الانحناء، كأنه أقبل شبابه. قال الشاعر:
* ونصر بن دهمان الهنيدة عاشها * وتسعين أخرى ثم قوم فانصاتا * * وعاد سواد الرأس بعد بياضه * وراجعه شرخ الشباب الذي فاتا * * وراجع أيدا، بعد ضعف وقوة، * ولكنه من بعد ذا كله ماتا * وعن هذا عرفت أن ما حكاه ابن التين تصحيف، ووقع في رواية الإسماعيلي: (فانتصب قائما)، وهذا أظهر وأولى
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»