عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٣٣
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: محمد بن يوسف الفريابي. الثاني: سفيان الثوري. الثالث: عبد الملك بن عمير، بضم العين، تقدم في: باب أهل العلم أحق بالإمامة. الرابع: وراد، بفتح الواو وتشديد الراء وفي آخره دال مهملة. الخامس: المغيرة بن شعبة.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: أن رجال إسناده كلهم كوفيون ما خلا محمد بن يوسف. وفيه: عن وراد، وفي رواية معتمر بن سليمان عن سفيان عند الإسماعيلي: حدثني وراد.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام عن موسى عن أبي عوانة، وفي الرقاق عن علي بن مسلم وفي القدر عن محمد بن سنان وفي الدعوات عن قتيبة وفي الصلاة، وقال الحاكم: عن القاسم. وأخرجه مسلم في الصلاة عن إسحاق بن إبراهيم وعن أبي بكر وأبي كريب وأحمد بن سنان وعن محمد بن حاتم وعن ابن أبي عمرو عن حامد بن عمرو عن محمد بن المثنى. وأخرجه أبو داود فيه عن مسدد. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن منصور وعن يعقوب بن إبراهيم وفي اليوم والليلة عن محمد بن قدامة وعن الحسن بن إسماعيل.
ذكر معناه: قوله: (أملى علي المغيرة)، وكان المغيرة إذ ذاك أميرا على الكوفة من قبل معاوية، وعند أبي داود: (كتب معاوية إلى المغيرة: أي شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلم من الصلاة؟ فكتب إليه المغيرة..). وعند ابن خزيمة: (يقول عند انصرافه من الصلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثلاث مرات). وعند السراج: حدثنا زياد بن أيوب حدثنا محمد بن فضيل عن عثمان بن حكيم سمعت محمد بن كعب القرظي سمعت معاوية يقول: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة، إذا انصرف: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد). وفي لفظ: (إن الله لا مؤخر لما قدم، ولا مقدم لما أخر، ولا معطي لما منع ولا مانع لما أعطى، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين). وفي لفظ: (إنه لا مؤخر لما قدمت، ولا مقدم لما أخرت..). الحديث كله بتاء الخطاب. فإن قلت: إن معاوية إذا كان قد سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يسأل عنه؟ قلت: أراد أن يستثبت ذلك، وينظر هل رواه غيره أو نسي بعض حروفه أو ما أشبه ذلك؟ كما جرى لجابر بن عبد الله في سؤاله عقبة بن عامر عن حديث سمعه، وأراد أن ينظر هل رواه غيره؟ قوله: (في دبر كل صلاة)، بضم الدال المهملة وضم الباء الموحدة وسكونها أي: عقيب كل صلاة مكتوبة، أي: فريضة، وفي رواية أخرى للبخاري: (كان يقولها في دبر كل صلاة)، ولم يقل: مكتوبة. قوله: (لا إله إلا الله..) إلى آخره، كلمة توحيد بالإجماع، وهي مشتملة على النفي والإثبات. فقوله: (لا إله)، نفي الألوهية عن غير الله. وقوله (إلا الله) إثبات الألوهية لله تعالى، وبهاتين الصفتين صار هذا كلمة التوحيد والشهادة. وقد قيل: إن الاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، وأبو حنيفة يقول: الاستثناء من النفي ليس بإثبات، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي، ولا صلاة إلا بطهور)، فإنه لا يجب تحقق النكاح عند الولي، ولا يجب تحقق الصلاة عند الطهور، لتوقفه على شرائط أخر. وأوردوا عليه بأنه على هذا التقدير لا يكون كلمة التوحيد تاما لأنه يكون المراد منها نفي الألوهية عن غير الله تعالى، ولا يلزم منه إثبات الألوهية لله تعالى، وهذا ليس بتوحيد. والجواب عن هذا: أن معظم الكفار كانوا أشركوا وفي عقولهم وجود الإل 1764; ه ثابت، فسيق لنفي الغير، ثم يلزم منه وجوده تعالى.
ثم إعلم أن: إلا، ههنا بمعنى: غير، وخبر: لا، التي لنفي الجنس محذوف تقديره: لا إله موجود غير الله، ولهذا لم ينتصب إلا الله، لأن المستثنى إنما ينتصب إما وجوبا، وإما جوازا في مواضع مخصوصة، وقد عرف في موضعه، وأما إذا كانت: إلا، للصفة لم يجب النصب فيتبع الموصوف، والموصوف ههنا مرفوع وهو: موجود، فيتبع المستثنى موصوفه. قوله: (وحده)، نصب على الحال، تقديره: ينفرد وحده، فإن قلت: شرط الحال أن تكون نكرة وهذا معرفة؟ قلت: لأجل ذلك أول بما ذكرنا، وذلك كما في قوله: (وأرسلها العراك) أي: أرسل الحمار تعترك العراك. قوله: (لا شريك له)، تأكيد لقوله: (وحده)، لأن المتصف بالوحدانية لا شريك له. قوله: (له الملك)، بضم الميم بعم، وبكسرها يخص، فلذلك قيل: الملك من الملك بالضم، والمالك من الملك بالكسر،
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»