عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٢٢
بالليل، وأم سلمة هند بنت أبي أمية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته مدنيون ما خلا شيخ البخاري فإنه بصري. وفيه: رواية تابعي عن تابعية عن صحابية.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الصلاة عن أبي الوليد ويحيى بن قزعة وعن عبد الله بن محمد. وأخرجه أبو داود فيه عن محمد بن يحيى ومحمد بن رافع، وأخرجه النسائي عن محمد بن مسلمة عن ابن وهب، وأخرجه فيه عن أبي بكر ابن أبي شيبة.
ذكر معناه: قوله: (حتى يقضي تسليمه)، ويروى: (حين يقضي تسليمه)، أي: حين يتم تسليمه ويفرغ منه. قوله: (فأرى) بضم الهمزة أي: أظن أن مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسيرا لأجل نفاذ النساء وذهابهن قبل تفرق الرجال لئلا يدركهن بعض المتفرقين من الصلاة. قوله: (والله أعلم) جملة معترضة.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: خروج النساء إلى المساجد وسبقهن بالانصراف، والاختلاط بهن مظنة الفساد، ويمكث الإمام في مصلاه والحالة هذه، فإن لم يكن هناك نساء فالمستحب للإمام أن يقوم من مصلاه عقيب صلاته، كذا قاله الشافعي في (المختصر) وفي (الأحياء) للغزالي: إن ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، رضي الله تعالى عنهما، وصححه ابن حبان في غير (صحيحه). وقال النووي: وعللوا قول الشافعي بعلتين: إحداهما: لئلا يشك من خلفه هل سلم أم لا. الثانية: لئلا يدخل غريب فيظنه بعد في الصلاة فيقتدى به. وقال صاحب (التوضيح): لكن ظاهر حديث البراء بن عازب: (رمقت صلاة لنبي صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فسجدته فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريبا من السواء). رواه مسلم، يعني: أنه لم يكن يثبت ساعة ما يسلم، بل كان يجلس بعد السلام جلسة قريبة من السجود. وقال الشافعي في (الأم): وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل قيام الإمام، وإن أخر ذلك حتى ينصرف بعد الإمام أو معه كان ذلك أحب إلي. وفي (الذخيرة): إذا فرغ من صلاته أجمعوا أنه لا يمكث في مكانه مستقبل القبلة، وجميع الصلوات في ذلك سواء، فإن لم يكن بعدها تطوع إن شاء انحرف عن يمينه أو يساره وإن شاء استقبل الناس بوجهه، لا إذا لم يكن أمامه من يصلي، وإن كان بعد الصلاة سنن يقوم إليها، وبه نقول. ويكره تأخيرها عن أداء الفريضة فيتقدم أو يتأخر أو ينحرف يمينا أو شمالا. وعن الحلواني من الحنفية: جواز تأخير السنن بعد المكتوبة، والنص: أن التأخير مكروه، ويدعو في الفجر والعصر لأنه لا صلاة بعدهما، فيجعل الدعاء بدل الصلاة، ويستحب أن يدعو بعد السلام، وقال في (التوضيح) أيضا إذا أراد الإمام أن ينتقل في المحراب ويقبل على الناس للذكر والدعاء جاز أن ينتقل كيف شاء، وأما الأفضل فأن يجعل يمينه إليهم ويساره إلى المحراب. وقيل: عكسه، وبه قال أبو حنيفة.
ومن فوائد الحديث: وجوب غض البصر، ومكث الإمام في موضعه. ومكث القوم في أماكنهم.
153 ((باب يسلم حين يسلم الإمام)) أي: هذا باب ترجمته: يسلم المأموم حين يسلم الإمام، وأشار بهذا إلى أن لا يتأخر المأموم في سلامه بعد الإمام متشاغلا بدعاء ونحوه، دل عليه أثر ابن عمر المذكور هنا، وفي هذا عن أبي حنيفة روايتان، في رواية: يسلم مع الإمام كالتكبير، وفي رواية: يسلم بعد سلام إمامه. وقال الشافعي: المصلي المقتدي يسلم بعد فراغ الإمام من التسليمة الأولى، فلو سلم مقارنا بسلامه إن قلنا: نية الخروج بالسلام شرط، لا يجزيه، كما لو كبر مع الإمام لا تنعقد له صلاة الجماعة، فعلى هذا تبطل صلاته. وإن قلنا: إن نية الخروج غير واجبة، فيجزيه كما لو ركع معه، وفي نية الخروج عن الصلاة بالسلام وجهان: أحدهما: تجب، والثاني لا تجب، كذا في تتمتهم. وذكر في (المبسوط): المقتدي يخرج من الصلاة بسلام الإمام. وقيل: هو قول محمد. أما عندهما يخرج بسلام نفسه، وتظهر ثمرة الخلاف في انتقاض الوضوء بسلام الإمام قبل سلام نفسه بالقهقهة، فعنده لا ينتقض خلافا لهما.
وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يستحب إذا سلم الإمام أن يسلم من خلفه
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»