عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٢٨
وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين فاختلفنا بيننا فقال بعضنا نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فرجعت إليه فقال تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون كلهن ثلاثا وثلاثين. (الحديث 843 طرفه في: 6329).
مطابقته للترجمة ظاهرة وهي في قوله: (تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين).
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: محمد ابن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم، أبو عبد الله المعروف بالمقدمي البصري. الثاني: معتمر بن سليمان بن طرخان البصري. الثالث: عبيد الله، بضم العين: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، المدني. الرابع: سمي، بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد الياء آخر الحروف: مولى أبي بكر بن عبد الرحمن. الخامس: أبو صالح ذكوان الزيات المدني. السادس: أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في موضعين. وفيه: الأولان من رجاله بصريان والبقية مدنيون. وفيه: عبيد الله تابعي صغير ولا يعرف لسمي رواية عن أحد من الصحابة، فهو من رواية الكبير عن الصغير.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم أيضا في الصلاة عن عاصم ابن النضر، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن محمد بن عبد الأعلى، كلاهما عن معتمر بن سليمان عنه به.
ذكر معناه: قوله: (جاء الفقراء)، وهو جمع فقير، ولم يعلم عددهم هنا، وجاء في رواية أبي داود من رواية محمد ابن أبي عائشة: عن أبي هريرة أن أبا ذر منهم، وأخرجه الفريابي في (كتاب الذكر) له من حديث أبي ذر نفسه، وجاء في رواية النسائي وغيره: أن أبا الدرداء منهم، وروى الترمذي من حديث مجاهد وعكرمة عن ابن عباس قال: (جاء الفقراء إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله إن الأغنياء يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم أموال يعتقون ويتصدقون. قال: فإذا صليتم فقولوا: سبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة، والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة، والله أكبر أربعا وثلاثين مرة، ولا إله إلا الله عشر مرات، فإنكم تدركون به من سبقكم، ولا يسبقكم من بعدكم). قوله: (ذهب أهل الدثور)، بضم الدال المهملة والثاء المثلثة جمع: دثر، بفتح الدال وسكون الثاء المثلثة: وهو المال الكثير. قال ابن سيده: لا يثنى ولا يجمع. وقيل: هو الكثير من كل شيء. وقال أبو عمر المطرز: إنه يثني ويجمع، ووقع عند الخطابي: أهل الدور، جمع: دار. وقال ابن قرقول: وقع في رواية المروزي: أهل الدور، يعني: مثل ما وقع في رواية الخطابي. قال: وهو تصحيف، وكلمة: من، في: من الأموال، بيانية تبين الدثور، ويجوز أن تكون: من الأموال، تأكيدا، ويجوز أن تكون وصفا. قوله: (العلى) بضم العين جمع: العلياء، وهي تأنيث: الأعلى. قوله: (والنعيم المقيم) النعيم: ما يتنعم به، والمقيم: الدائم، وذكر المقيم تعريض بالنعيم العاجل، فإنه قلما يصفو، وإن صفا فهو في صدد الزوال وسرعة الانتقال. وفي رواية محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة: (ذهب أصحاب الدثور بالأجور). وكذا في رواية مسلم من حديث أبي ذر، وفي رواية ابن ماجة من رواية بشر بن عاصم عن أبيه: (عن أبي ذر قال: قيل: يا رسول الله، وربما قال سفيان: قلت: يا رسول الله ذهب أهل الأموال والدثور بالأجور، يقولون كما نقول، وينفقون ولا ننفق. قال لي: ألا أخبركم بأمر إذا فعلتموه أدركتم من قبلكم وفتم من بعدكم؟ تحمدون الله في دبر كل صلاة، وتسبحون وتكبرون ثلاثا وثلاثين وأربعا وثلاثين. قال سفيان: لا أدري أيتهن أربع!) وروى البزار من رواية موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، قال: (اشتكى فقراء المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فضل به أغنياؤهم، فقالوا: يا رسول الله إخواننا صدقوا تصديقنا، وآمنوا إيماننا، وصاموا صيامنا، ولهم أموال يتصدقون منها ويصلون منها الرحم وينفقونها في سبيل الله، ونحن مساكين لا نقدر على ذلك. فقال: ألا أخبركم بشيء إذا فعلتموه أدركتم مثل فضلهم؟ قولوا: الله أكبر في دبر كل صلاة إحدى عشرة مرة، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، تدركون مثل فضلهم. ففعلوا ذلك، فذكروا للأغنياء، ففعلوا مثل ذلك، فرجع الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك، فقالوا: هؤلاء إخواننا فعلوا مثل ما نقول، فقال: * (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) * (المائدة: 54، الحديد: 21، والجمعة: 4). يا معشر الفقراء، ألا يسركم أن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، خمسمائة عام؟ وتلا موسى بن عبيدة:
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»