الطحاوي. وفيه: أن وقت الظهر من زوال الشمس عن كبد السماء. وفيه: أن الوقت المستحب للعصر أن يصلي ما دامت الشمس حية، وهذا يدل على أن المستحب تعجيلها، كما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد، وفي رواية أبي داود: (كان يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية، ويذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة). والعوالي أماكن بأعلى أراضي المدينة. قال ابن الأثير: وأدناها من المدينة على أربعة أميال، وأبعدها من جهة نجد ثمانية، ولكن في رواية الزهري: (أدناها من المدينة على ميلين)، كما ذكره أبو داود. وقال النووي: وأراد بهذا الحديث المبادرة بصلاة العصر في أول وقتها، لأنه لا يمكن أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين وثلاثة، والشمس بعد لم تتغير، ثم قال: وفيه دليل لمالك والشافعي وأحمد والجمهور: أن وقت العصر يدخل إذا صار ظل كل شيء مثله. وقال أبو حنيفة: لا يدخل حتى يصير ظل كل شيء مثليه، وهذا حجة (للجماعة عليه. قلنا: الجواب من جهة أبي حنيفة أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإبراد الظهر بقوله: أبردوا بالظهر، يعني: صلوها إذا سكنت شدة الحر، واشتداد الحر في ديارهم يكون في وقت صيرورة ظل كل شيء مثله، ولا يفتر الحر إلا بعد المثلين، فإذا تعارضت الآثار يبقى ما كان على ما كان، ووقت الظهر ثابت بيقين فلا يزول بالشك، ووقت العصر ما كان ثابتا فلا يدخل بالشك. وفيه: أن الوقت المستحب للعشاء تأخيره إلى ثلث الليل أو إلى شطره وهو حجة على من فضل التقديم. وقال الطحاوي: تأخير العشاء إلى ثلث الليل مستحب، وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم قاله الترمذي. وإلى النصف مباح، وما بعده مكروه. وحكى ابن المنذر: أن المنقول عن ابن مسعود وابن عباس إلى ما قبل ثلث الليل، وهو مذهب إسحاق والليث أيضا، وبه قال الشافعي في كتبه الجديدة، وفي الإملاء، والقديم تقديمها. وقال النووي: وهو الأصح. وفيه: كراهة النوم قبل العشاء لأنه تعرض لفواتها باستغراق النوم. وفيه: كراهية الحديث بعدها، وذلك لأن السهر في الليل سبب للكسل في النوم عما يتوجه من حقوق النوم والطاعات ومصالح الدين. قالوا: المكروه منه ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه، وذلك كمدارسة العلم، وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين لحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين الناس والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى مصلحة ونحو ذلك، وكل ذلك لا كراهة فيه.
542 حدثنا محمد يعني ابن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا خالد بن عبد الرحمن قال حدثني غالب القطان عن بكر بن عبد الله المزني عن أنس بن مالك قال كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر فسجدنا على ثيابنا إتقاء الحر. (انظر الحديث 385 وطرفه).
مطابقته للترجمة من حيث إن صلاتهم خلف النبي صلى الله عليه وسلم بالظهائر، تدل على أنهم كانوا يصلون الظهر في أول وقته، وهو وقت اشتداد الحر عند زوال الشمس، كما مر في أول الباب عن جابر، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالهاجرة). ولا يعارض هذا حديث الأمر بالإبراد، لأن هذا البيان الجواز، وحديث الأمر بالإبراد لبيان الفضل.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: محمد بن مقاتل، بضم الميم: أبو الحسن المروزي. الثاني: عبد الله بن المبارك الحنظلي المروزي. الثالث: خالد بن عبد الرحمن ابن بكير السلمي البصري. الرابع: غالب، بالغين المعجمة: ابن خطاف المشهور بابن أبي غيلان، بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف: القطان، تقدم في باب السجود على الثوب. الخامس: بكر بن عبد الله المزني، تقدم في باب عرق الجنب. السادس: أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وبصيغة الإفراد بصيغة الماضي في موضع واحد. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: محمد بن مقاتل من أفراد البخاري، ووقع للأصيلي وغيره: حدثنا محمد من غير نسبة، وفي رواية أبي ذر: حدثنا محمد بن مقاتل، بنسبته إلى أبيه. وفيه: وقع خالد بن عبد الرحمن على هذه الصورة وهو السلمي واسم جده بكير، كما ذكرناه. وفي طبقته: خالد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل دمشق، وخالد