عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٧
بعض أصحابنا، وليس منقولا عن أبي حنيفة أن الصلاة في أول الوقت تقع نفلا، والصحيح عندنا أن الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا. وذكر القاضي عبد الوهاب في الكتاب (الفاخر)، فيما ذكره ابن بطال وغيره عن بعض الناس: يجوز أن يفتح الظهر قبل الزوال، وقال شمس الأئمة في (المبسوط): لا خلاف أن أول وقت الظهر يدخل بزوال الشمس إلا شيء نقل عن بعض الناس أنه يدخل إذا صار الفيء بقدر الشراك، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم حين زاغت الشمس دليل على أن ذلك من وقتها. قوله: (فليسأل) أي: فليسألني عنه. قوله: (فلا تسألوني)، بلفظ النفي، وحذف نون الوقاية منه جائز. قوله: (إلا أخبرتكم) أي: إلا أخبركم، فاستعمل الماضي موضع المستقبل إشارة إلى تحققه، وأنه كالواقع. وقال المهلب: إنما خطب النبي صلى الله عليه وسلم، بعد الصلاة، وقال هو: سلوني، لأنه بلغه أن قوما من المنافقين يسألون منه ويعجزونه عن بعض ما يسألونه، فتغيظ وقال: لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به. قوله: (فأكثر الناس في البكاء) إنما كان بكاؤهم خوفا من نزول عذاب لغضبه، صلى الله عليه وسلم، كما كان ينزل على الأمم عند ردهم على أنبيائهم، عليهم الصلاة والسلام، والبكاء يمد ويقصر، إذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها. قوله: (وأكثر أن يقول) كلمة: أن، مصدرية تقديره: وأكثر النبي، صلى الله عليه وسلم، القول بقوله: سلوني، وأصله: اسألوني، فنقلت حركة الهمزة إلى السين، فحذفت واستغني عن همزة الوصل، فقيل: سلوني، على وزن: فلوني. قوله: (فقام عبد الله بن حذافة)، قال الواقدي: إن عبد الله بن حذافة كان يطعن في نسبه، فأراد أن يبين له ذلك، فقالت أمه: أما خشيت أن أكون قارفت بعض ما كان يصنع في الجاهلية، أكنت فاضحي عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: والله لو ألحقني بعبد للحقت به. قوله: (آنفا)، أي: في أول وقت يقرب مني، ومعناه هنا: الآن، وانتصابه على الظرفية لأنه يتضمن معنى الظرف. قوله: (في عرض هذا الحائط)، بضم العين المهملة، يقال: عرض الشيء، بالضم: ناحيته من أي وجه جئته. قوله: (فلم أر كالخير) أي: ما أبصرت قط مثل هذا الخير الذي هو الجنة، وهذا الشر الذي هو النار. أو: ما أبصرت شيئا مثل الطاعة والمعصية في سبب دخول الجنة والنار.
541 حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا شعبة عن أبي المنهال عن أبي برزة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه ويقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة وكان يصلي الظهر إذا زالت الشمس والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة رجع والشمس حية ونسيت ما قال في المغرب ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل ثم إلى شطر الليل. وقال معاذ قال شعبة ثم لقيته مرة فقال أو ثلث الليل..
مطابقته للترجمة في قوله: (ويصلي الظهر إذا زالت الشمس).
ذكر رجاله: وهم أربعة: حفص بن غياث، تكرر ذكره، وكذلك شعبة بن الحجاج، وأبو المنهال، بكسر الميم وسكون النون واسمه سيار بن سلامة الرياحي، بكسر الراء وتخفيف الياء آخر الحروف وبالحاء المهملة: البصري، وأبو برزة بفتح الباء الموحدة وسكون الراء ثم بالزاي: الأسلمي، واسمه: نضلة، بفتح النون وسكون الضاد المعجمة بن عبيد مصغرا، أسلم قديما وشهد فتح مكة، ولم يزل يغزو مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى قبض فتحول ونزل البصرة، ثم غزا خراسان ومات بمرو أو بالبصرة أو بمفازة سجستان سنة أربع وستين، روى له البخاري أربعة أحاديث.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في موضعين. وفيه: القول، وفي رواية الكشميهني: حدثنا أبو المنهال. وفيه: أن رواته ما بين بصري وواسطي، ويجوز أن يقال: كلهم بصريون، لأن شعبة وإن كان من واسط فقد سكن البصرة ونسب إليها.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا عن آدم بن أبي إياس عن شعبة، وعن محمد بن مقاتل عن عبد الله، وعن مسدد عن يحيى، كلاهما عن عوف نحوه. وأخرجه مسلم فيه عن يحيى بن حبيب، وعن عبيد الله بن معاذ عن أبيه، كلاهما عن شعبة، وعن أبي كريب عن سويد بن عمرو الكلبي.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»