عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٨١
قوله: (لا يتحرى) على صيغة المجهول، و: (الصلاة) بالرفع لأنه نائب عن الفاعل، وهذا يشعر بأنه إذا وقع منه اتفاقا لا بأس به، وقد وقع الكلام فيه في الباب السابق مستقصى.
585 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها.
مطابقته للترجمة في قوله: (ولا عند غروبها). قال الكرماني: فإن قلت: الترجمة قبل الغروب. والحديث عند الغروب؟ قلت: المراد منهما واحد.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، والحديث مضى في الباب الذي قبله. قوله: (لا يتحرى) كذا وقع بلفظ الخبر. قال السهيلي: يجوز الخبر عن مستقر أمر الشرع أي: لا يكون إلا هذا. قوله: (فيصلي)، بالنصب وهو نحو: ما تأتينا فتحدثنا، في أن يراد به نفي التحري والصلاة كلاهما، وأن يراد به نفي الصلاة فقط، ويجوز الرفع من جهة النحو، أي: لا يتحرى أحدكم الصلاة في وقت كذا، فهو يصلي فيه. وقال الطيبي: لا يتحرى، وهو نفي بمعنى النهي، ويصلي، هو منصوب بأنه جوابه. ويجوز أن يتعلق بالفعل المنهي أيضا، فالفعل المنهي معلل في الأول والفعل المعلل منهي في الثاني، والمعنى على الثاني: لا يتحرى أحدكم فعلا يكون سببا لوقوع الصلاة في زمان الكراهة، وعلى الأول كأنه قيل: لا يتحرى فقيل: لم ينهانا عنه؟ فأجيب: عنه: خيفة أن تصلوا، أو أن الكراهة، وقال ابن خروف: يجوز في: فيصلي، ثلاثة أوجه: الجزم على العطف، أي: لا يتحر ولا يصل، والرفع على القطع أي: لا يتحرى فهو يصلي، والنصب على جواب النهي، والمعنى: لا يتحرى مصليا.
586 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثنا إبرهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني عطاء بن يزيد الجندعي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس.
مطابقته للترجمة بطريق الإشارة لأنه يلزم من نفي الصلاة بعد الصبح قبل ارتفاع الشمس، وبعد العصر قبل غروبها أن لا يتحراها في هذين الوقتين.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو القرشي المدني. الثاني: إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني. الثالث: صالح بن كيسان الغفاري، مؤدب ولد عمر ابن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه. الرابع: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الخامس: عطاء بن يزيد من الزيادة أبو يزيد الليثي الجندعي المدني؛ الجندعي، بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وضمها بعدها عين مهملة: نسبة إلى جندع ابن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. السادس: أبو سعيد الخدري، واسمه: سعد بن مالك.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: السماع في موضعين. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته كلهم مدنيون. وفيه: أن شيخ البخاري من أفراده. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن حرملة عن ابن وهب عن يونس. وأخرجه النسائي، فيه عن عبد الحميد بن محمد الحراني عن مخلد بن يزيد وعن محمود بن خالد.
ذكر معناه: قوله: (لا صلاة)، كلمة: لا، لنفي الجنس أي: لا صلاة حاصلة بعد الصبح، أي: بعد صلاة الصبح، ويقال: هذا نفي بمعنى النهي، والتقدير: لا تصلوا. ثم قيل: إن النهي للتحريم، والأصح أنه للكراهة. وبالنظر إلى صورة نفي الجنس قال أبو طلحة: المراد بذلك كل صلاة، ولا يثبت ذلك عنه. وقال أصحابنا: ولا بأس أن يصلي في هذين الوقتين الفائتة، ويسجد للتلاوة، ويصلي على الجنازة.
587 حدثنا محمد بن أبان قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت حمران بن أبان يحدث عن معاوية قال إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيناه يصليها ولقد نهى عنهما يعني الركعتين بعد العصر (الحديث 587 طرفه في: 3766).
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»