582 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال أخبرني أبي قال أخبرني ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها..
مطابقته للترجمة ظاهرة، وهشام هو ابن عروة.
وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: القول في أربعة مواضع. وفيه: رواية الابن عن الأب.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في صفة إبليس عن محمد بن عبدة. وأخرجه مسلم في الصلاة مقطعا عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع، وعن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه ومحمد بن بشر. وأخرجه النسائي فيه أيضا مقطعا عن عمرو بن علي عن يحيى.
ذكر معناه: قوله: (لا تحروا)، أصله: لا تتحروا، بالتاءين، فحذفت إحداهما أي: لا تقصدوا. وقال الجوهري: فلان يتحرى الأمر، أي: يتوخاه ويقصده، وتحرى فلان بالمكان أي: مكث، قال التيمي: قال قوم: أراد به: لا تقصدوا ولا تبتدروا بها ذلك الوقت. وأما من انتبه من نومه أو ذكر ما نسيه فليس بقاصد إليها ولا متحر، وإنما المتحري القاصد إليها. وقيل: إن قوما كانوا يتحرون طلوع الشمس وغروبها فيسجدون لها عبادة من دون الله تعالى، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه كراهة أن يتشبهوا بهم. قلت: قوله: (لا تحروا)، نهي مستقل في كراهة الصلاة في الوقتين المذكورين، سواء قصد لها أم لم يقصد، ومنهم من جعل هذا تفسيرا للحديث السابق ومبينا للمراد به، فقال: لا تكره الصلاة بعد الصبح ولا بعد العصر، إلا لمن قصد بصلاته طلوع الشمس وغروبها، وإليه ذهب الظاهرية، ومال إليه ابن المنذر واحتجوا في ذلك بما رواه مسلم من طريق طاووس، عن عائشة. قالت: وهم عمر، رضي الله تعالى عنه، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها. ومنهم من قوى ذلك بحديث: (من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها أخرى)، فأمر بالصلاة حينئذ، فدل على أن الكراهة مختصة بمن قصد الصلاة في ذلك الوقت لا بمن وقع له اتفاقا. وقال البيهقي: إنما قالت ذلك عائشة لأنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد العصر، فحملت نهيه على من قصد ذلك لا على الإطلاق. وأجيب، عن هذا: بأن صلاته، صلى الله عليه وسلم، تلك كانت قضاء، كما ذكرنا، وقيل: كانت خصوصية له. وأما النهي مطلقا فقد ثبت بأحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم.
583 وقال حدثني ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب (الحديث 583 طرفه في: 3272).
أي: قال عروة: وحدثني ابن عمر، رضي الله تعالى عنه، وهذا أيضا حديث مستقل كالأول، وأخرجهما الإسماعيلي: الأول: من رواية علي بن مسهر وعيسى بن يونس ومحمد بن بشر ووكيع ومالك بن سعيد ومحاضر، كلهم عن هشام. والثاني: فقط من رواية عبد الله بن نمير عن هشام. فإن قلت: قال عروة في الحديث السابق: أخبرني ابن عمر، وفي هذا قال: حدثني، قلت: رعاية للفرق الذي بينهما عنده، ولا فرق بين: حدثنا وأخبرنا وسمعت، عند الأكثرين، وجعل الخطيب: سمعت، أرفعها وابن الصلاح دونها. قوله: (حاجب الشمس) قيل: هو طرف قرص الشمس الذي يبدو عند الطلوع ولا يغيب عند الغروب، وقيل: النيازك التي تبدو إذا حان طلوعها. وقال الجوهري: حواجب الشمس: نواحيها.
تابعه عبدة أي: تابع عبدة بن سليمان يحيى بن سعيد القطان على روايته لهذا الحديث عن هشام، ورواية عبدة هذه أوصلها البخاري في بدء الخلق، وقال: حدثنا محمد حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام، وفيه الحديثان معا، وقال فيه: (حتى تبرز) بدل: (ترتفع). وقال فيه: (لا تحينوا)، بالياء آخر الحروف المشددة وبالنون، وزاد فيه: فإنها تطلع بين قرني شيطان. وفيه إشارة إلى علة النهي عن الصلاة في هذين الوقتين، وزاد مسلم من حديث عمرو بن عنبسة حينئذ: (تسجد لها الكفار)، فالنهي حينئذ لترك مشابهة الكفار، وفيه الرد على أبي محمد البغوي حيث قال: إن النهي عن ذلك لا يدرك معناه، وجعله من قبيل