عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٧٨
ترتفع وعند غروبها حتى تغيب وحكاه ابن حزم عن أبي بكرة وفي فوائد أبي الشيخ رأى حذيفة رجلا يصلي بعد العصر فنهاه فقال أو يعذبني الله عليها قال يعذبك على مخالفة السنة (فإن قلت) أخرجه البخاري ومسلم عن الأسود عن عائشة قالت ' لم يكن رسول الله يدعهما سرا ولا علانية ركعتان قبل الصبح وركعتان بعد العصر ' وفي لفظ لهما ' ما كان النبي يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين ' وروى أبو داود من حديث قيس بن عمرو قال رأى رسول الله رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال الصبح ركعتان فقال الرجل إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلها فصليتهما الآن فسكت رسول الله ' هكذا رواه أبو داود وقال قيس بن عمرو وفي رواية قيس بن قهد بالقاف (قلت) استقرت القاعدة أن المبيح والحاظر إذا تعارضا جعل الحاظر متأخرا وقد ورد نهي كثير في أحاديث كثيرة وأما حديث الأسود عن عائشة فإن صلاته فيه مخصوصة به والدليل عليه ما ذكرنا أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير وذكر الماوردي من الشافعية وغيره أيضا أن ذلك من خصوصياته وقال الخطابي أيضا كان النبي مخصوصا بهذا دون الخلق وقال ابن عقيل لا وجه له إلا هذا الوجه وقال الطبري فعل ذلك تنبيها لأمته أن نهيه كان على وجه الكراهة لا التحريم وقال الطحاوي الذي يدل على الخصوصية أن أم سلمة رضي الله تعالى عنها هي التي روت صلاته إياهما قيل له أفنقضيهما إذا فاتتا بعد العصر قالت لا وأما حديث قيس بن عمرو فقال في الإمام إسناده غير متصل ومحمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به وقد أكد النهي حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه رواه أبو حفص حدثنا محمد بن نوح حدثنا شعيبة بن أيوب حدثنا أسباط بن محمد وأبو نعيم عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال ' كان رسول الله لا يصلي صلاة مكتوبة إلا صلى بعدها ركعتين إلا الفجر والعصر ' وزعم ابن العربي أن الصلاة في هذين الوقتين تؤدى فيهما فريضة دون النافلة عند مالك وعند الشافعي تؤدى فيهما الفريضة والنافلة التي لها سبب ومذهب آخر لا يصلى فيهما بحال لا فريضة ولا نافلة ومذهب آخر تجوز بمكة دون غيرها وزعم الشافعي في كتاب اختلاف الحديث وذكر الصلاة التي لها سبب وعددها ثم قال وهذه الصلاة وأشباهها تصلى في هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله حيث قال ' من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها وصلى ركعتين كان يصليهما بعد الظهر شغل عنهما بعد العصر وأمر أن لا يمنع أحد طاف بالبيت أي ساعة شاء ' ولاستثناء الوارد في حديث عقبة إلا بمكة وله في الجمعة حديث أبي سعيد ' أنه نهى عن الصلاة في نصف النهار إلا يوم الجمعة ' والجواب عن حديث من نسي أنه مخصوص بحديث عقبة وعن قوله ' صلى ركعتين كان يصليهما ' أنه من خواصه كما ذكرنا وقوله ' إلا بمكة ' غريب لم يرد في المشاهير أو كان قبل النهي (فإن قلت) روي عن أنس ' كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب رسول الله يبتدرون السواري حتى يخرج النبي وهم كذلك يصلون ركعتين قبل المغرب ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء ' (قلت) حمل ذلك على أول الأمر قبل النهي أو قبل أن يعلم ذلك رسول الله وقال أبو بكر بن العربي اختلفت الصحابة فيهما ولم يفعله بعدهم أحد وقال النخعي بدعة (حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة سمعت أبا العالية عن ابن عباس قال حدثني ناس بهذا) هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن مسدد عن يحيى القطان إلى آخره وذكر هذه الطريقة ليبين أن قتادة سمع هذا الحديث من أبي العالية ولم يصرح بالسماع في طريق الحديث الأول ولمتابعة شعبة هشاما (فإن قلت) كان ينبغي أن يبدأ بالحديث الذي فيه سماع قتادة من أبي العالية (قلت) إنما قدم ذاك الحديث لعلوه قوله ' بهذا ' أي بهذا الحديث بمعناه
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»