وقال كريب عن أم سلمة صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر ركعتين وقال شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر كريب، بضم الكاف: مولى ابن عباس، مر في باب التخفيف في الوضوء، وأم سلمة أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم واسمها: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشية المخزومية، ماتت في شوال سنة تسع وخمسين في آخر ولاية معاوية وولاية الوليد بن عتبة على المدينة، وصلى عليها أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه، وهذا التعليق أخرجه مسندا في السهو، وفي وفد عبد القيس عن يحيى عن سليمان عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير عن كريب: أن ابن عباس والمسور وعبد الرحمن بن أزهر أرسلوه إلى عائشة... الحديث بطوله، وفيه: قال: (يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان). وعند مسلم: (ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم)، وعند البيهقي: (قدم علي وفد بني تميم أو صدقة شغلوني عنهما، فهما هاتان الركعتان). قوله: (بعد الظهر) صفة ركعتين أي: المندوبتين بعد الظهر. قال الكرماني: وهذا دليل الشافعي في جواز صلاة لها سبب بعد العصر بلا كراهة. قلت: هذا لا يصلح أن يكون دليلا، لأن صلاته صلى الله عليه وسلم هذه كانت من خصائصه، كما ذكرنا، فلا يكون حجة لذاك.
590 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال حدثني أبي أنه سمع عائشة قالت والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله وما لقي الله تعالى حتى ثقل عن الصلاة وكان يصلي كثيرا من صلاته قاعدا تعني الركعتين بعد العصر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته وكان يحب ما يخفف عنهم..
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: أبو نعيم الفضل بن دكين. الثاني: عبد الواحد بن أيمن، بفتح الهمزة، تقدم. الثالث: أبوه أيمن الحبشي، مولى ابن أبي عمرو المخزومي القرشي المكي. الرابع: عائشة أم المؤمنين، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: السماع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن أيمن من أفراد البخاري. وفيه: أن رواته ما بين كوفي ومكي.
ذكر اختلاف الألفاظ فيه: وفي لفظ للبخاري: (ما ترك السجدتين بعد العصر عندي قط). وفي لفظ: (ركعتان لم يكن يدعهما سرا ولا علانية: ركعتان قبل الصبح، وركعتان بعد العصر)، وفي لفظ: (ما كان يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين)، وعند مسلم: (كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر، ثم أثبتهما. وكان إذا صلى صلاة أثبتها). وعند الدارقطني: (كان لا يدع ركعتين قبل الفجر وركعتين بعد العصر)، وفي لفظ: (دخل عليها بعد العصر فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله أحدث بالناس شيء؟ قال: لا، إلا أن بلالا عجل الإقامة فلم أصل الركعتين قبل العصر فأنا أقضيهما الآن. قلت: يا رسول الله! أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا). وفي لفظ: (كان يصلي الركعتين بعد العصر وينهى عنهما). وفي لفظ: (ولم أره عاد لهما)، ولفظ محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد الرحمن بن أبي سفيان: أن معاوية أرسل إليها يسألها عن هاتين الركعتين، فقالت: ليس عندي صلاهما، ولكن أم سلمة حدثتني، فذكره.
ذكر معناه: قوله: (والذي ذهب به)، أي: برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الإسماعيلي والبيهقي: (والذي ذهب بنفسه)، حلفت عائشة بالله على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك الركعتين بعد العصر حتى مات. قوله: (ثقل)، بضم القاف. قوله: (قاعدا) نصب على الحال. قوله: (مخافة)، نصب على التعليل أي: لأجل المخافة. وهو مصدر ميمي بمعنى: الخوف. وكلمة: أن، في: أن يثقل، مصدرية أي: مخافة التثقيل على أمته، ويثقل، بضم الياء وتشديد القاف المكسورة من: التثقيل، ويروى، بفتح الياء وضم القاف. قوله: (ما يخفف عنهم)، أي: عن أمته، ويخفف، بضم الياء وكسر الفاء المشددة: من التخفيف، هذه رواية المستملي، وغيره روى: ما خفف، بصيغة الماضي.
ذكر ما يستفاد منه: احتج بهذا الحديث من أجاز التنفل بعد العصر مطلقا ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس،