وأورده البخاري في قضاء الفائتة بعد العصر، ولهذا ترجم عليه به، ونحن نقول كما قلنا غير مرة: إن هذا كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم، ومن الدليل عليه ما رواه أبو داود من حديث ذكوان، مولى عائشة أنها حدثته أنه صلى الله عليه وسلم: (كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهي عن الوصال). وروى الترمذي من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: (إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعد). قال الترمذي: حديث حسن. قال: وقد روى غير واحد عن النبي، صلى الله عليه وسلم،: (أنه صلى بعد العصر ركعتين)، وهذا خلاف ما روي أنه: نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وحديث ابن عباس أصح حيث قال: لم يعد لهما.
591 حدثنا مسدد حدثنا يحيى قال حدثنا هشام قال أخبرني أبي قال قالت عائشة ابن أختي ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجدتين بعد العصر عندي قط.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله تقدموا غير مرة، ويحيى هو: ابن سعيد القطان، وهشام بن عروة بن الزبير بن العوام.
والحديث أخرجه النسائي أيضا في الصلاة عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد عن يحيى القطان.
قوله: (ابن أختي)، حذف حرف النداء منه، يعني: يا ابن أختي، وهو عروة، لأن أم عروة أسماء بنت أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنهما. قوله: (السجدتين) يعني: الركعتين، من باب إطلاق اسم الجزء على الكل.
592 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الشيباني قال حدثنا عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سرا ولا علانية ركعتان قبل صلاة الصبح وركعتان بعد العصر.
هذا طريق آخر عن موسى بن إسماعيل المنقري عن عبد الواحد بن زياد عن أبي إسحاق الشيباني واسمه: سليمان بن أبي سليمان عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه الأسود بن يزيد النخعي الكوفي عن عائشة رضي الله تعالى عنها. وأخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن أبي بكر بن شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن علي بن مسهر كلاهما عن الشيباني وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حجر به.
قوله: (ركعتان) أي: صلاتان، لأنه فسرها بأربع ركعات، وهو من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل أو: هو من باب الإضمار، أي: وكذا ركعتان بعد العصر، والوجهان جائزان بلا تفاوت، لأن المجاز والإضمار متساويان. أو المراد بالركعتين جنس الركعتين الشامل للقليل والكثير. (لم يكن يدعهما)، أي: لم يكن يتركهما، وفي رواية النسائي: (لم يكن يدعهما في بيتي)، قال الصرفيون: لم يستعمل: ليدع، ماض، وكذا: ليذر، وأورد عليهم قراءة: * (ما ودعك ربك وما قلى) * (الضحى: 30). بالتخفيف.
69 - (حدثنا محمد بن عرعرة قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال رأيت الأسود ومسروقا شهدا على عائشة قالت ما كان النبي يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين) هذا طريق آخر عن محمد بن عرعرة بالمهملتين وبسكون الراء الأولى عن شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق السبيعي واسمه عمرو وربما يلتبس على القارئ تمييز هذا عن أبي إسحاق المذكور في السند السابق فإن هذا أبو إسحاق السبيعي وذاك أبو إسحاق الشيباني. وأخرجه مسلم في الصلاة عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار كلاهما عن غندر وأبو داود أيضا فيه عن حفص بن عمرو النسائي أيضا فيه عن إسماعيل بن مسعود عن خالد بن الحارث أربعتهم عن شعبة به قوله ' الأصلي ' أي بعد الإتيان وهو استثناء مفرغ أي ما كان يأتيني بوجه أو حالة إلا بهذا الوجه أو هذه الحالة وقال الكرماني (فإن قلت)