عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٥٣
أيام، كل يوم ألف سنة)، وصحح الطبري هذا الأصل وعضده بآثار.
وفيه: ما استدل به بعض أصحابنا على أن آخر وقت الظهر ممتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، وذلك أنه جعل لنا من الزمان من الدنيا في مقابلة من كان قبلنا من الأمم بقدر ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهو يدل أن بينهما أقل من ربع النهار، لأنه لم يبق من الدنيا ربع الزمان، لقوله صلى الله عليه وسلم: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى)، فشبه ما بقي من الدنيا إلى قيام الساعة مع ما انقضى بقدر ما بين السبابة والوسطى من التفاوت. قال السهيلي: وبينهما نصف سبع، لأن الوسطى ثلاثة أسباع، كل مفصل منها سبع، وزيادتها على السبابة نصف سبع، والدنيا على ما قدمناه عن ابن عباس سبعة آلاف سنة، فلكل سبع ألف سنة، وفضلت الوسطى على السبابة بنصف الأنملة، وهو ألف سنة فيما ذكره أبو جعفر الطحاوي وغيره، وزعم السهيلي: أنه بحساب الحروف المقطعة أوائل السور تكون تسعمائة سنة وثلاث سنين، وهل هي من مبعثه صلى الله عليه وسلم أو هجرته أو وفاته؟ والله أعلم.
556 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته.
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله: (إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر). (فإن قلت: المذكور في الترجمة ركعة، وفي الحديث: سجدة، والترجمة في الإدراك من العصر، والحديث في: العصر والصبح، فلا تطابق؟ قلت: المراد من السجدة الركعة على ما يجيء إن شاء الله تعالى، وترك الصبح فيها من باب الاكتفاء.
ذكر رجاله: وهم خمسة: أبو نعيم الفضل بن دكين، وشيبان بن عبد الرحمن التميمي، ويحيى بن أبي كثير، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول. وفيه: أن رواته ما بين كوفي وبصري ومدني.
ذكر الاختلاف في ألفاظ الحديث المذكور: أخرجه البخاري أيضا عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر). أخرجه في باب من أدرك من الفجر ركعة، وفي رواية النسائي (إذا أدرك أحدكم أول السجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته). وكذا أخرجه ابن حبان في (صحيحه)، ورواه أحمد بن منيع ولفظه: (من أدرك منكم أول ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، ومن أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك). وفي رواية أبي داود: (إذا أدرك أحدكم أول السجدة من صلاة العصر...) وعند السراج: (من صلى بسجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس ثم صلى ما بقي بعد غروب الشمس فلم يفته العصر، ومن صلى سجدة واحدة من الصبح قبل طلوع الشمس ثم صلى ما بقي بعد طلوعها فلم يفته الصبح). وفي لفظ: (من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس وركعة بعد ما تطلع فقد أدرك). وفي لفظ: (من صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس فليتم صلاته). وفي لفظ: (من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى). وفي لفظ: (من صلى سجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس، ثم صلى ما بقي بعد الغروب فلم يفته العصر). وفي لفظ: (من أدرك قبل طلوع الشمس سجدة فقد أدرك الصلاة، ومن أدرك قبل غروب الشمس سجدة فقد أدرك الصلاة). وفي لفظ: (من أدرك ركعة أو ركعتين من صلاة العصر...)، وفي لفظ: (ركعتين)، من غير تردد. غير أنه موقوف، وهو عند ابن خزيمة مرفوع بزيادة: (أو ركعة من صلاة الصبح) وهو عند الطيالسي: (من أدرك من العصر ركعتين أو ركعة الشك من أبي بشر قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك، ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك). وعند أحمد: (من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك، ومن أدرك ركعة أو ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك). وفي رواية النسائي: (من أدرك من صلاة ركعة فقد أدرك). وعند الدارقطني: (قبل أن يقيم الإمام صلبه فقد أدركها)، وعنده أيضا: (فقد أدرك الفضيلة ويتم ما بقي)، وضعفه وفي (سنن) الكبحي: (من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها)، وفي (الصلاة) لأبي نعيم: (ومن أدرك ركعتين قبل أن تغرب الشمس، وركعتين بعد أن غابت الشمس فلم تفته العصر). وعند مسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة). وعند النسائي بسند صحيح: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة كلها إلا أنه يقضي ما فاته)، وعند الطحاوي: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وفضلها). قال: وأكثر الرواة لا يذكرون: فضلها، قال: وهو الأظهر. وعند الطحاوي: من حديث عائشة نحو حديث أبي هريرة، وأخرجه النسائي وابن ماجة أيضا.
ذكر معناه: قوله: (إذا أدرك) كلمة: إذا، تتضمن معنى الشرط، فلذلك دخلت: الفاء، في جوابها، وهو قوله: (فليتم صلاته). قوله: (سجدة) أي: ركعة، يدل عليه الرواية الأخرى للبخاري: (من أدرك من الصبح ركعة). وكذلك فسرها في رواية مسلم: حدثني أبو الطاهر وحرملة، كلاهما عن ابن وهب، والسياق لحرملة، قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع، فقد أدركها). والسجدة إنما هي الركعة، وفسرها حرملة، وكذا فسر في (الأم) أنه يعبر بكل واحد منهما عن الآخر، وأيا ما كان، فالمراد: بعض الصلاة، وإدراك شيء منها، وهو يطلق على الركعة والسجدة وما دونها، مثل: تكبيرة الإحرام. وقال الخطابي؛
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 53 53 53 53 54 ... » »»