عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ١٣٥
عشر شهرا وكان رسول الله يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء فتوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فصلى مع النبي رجل ثم خرج بعدما صلى فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله وأنه توجه نحو الكعبة فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة..
مطابقته للترجمة في قوله: (فتوجه نحو الكعبة التي استقرت قبلة أبدا) في أي حالة كان المصلي صلاة الفرض.
ذكر رجاله وهم أربعة: الأول: عبد ا بن رجاء، بتخفيف الجيم: الغداني، بضم الغين المعجمة. الثاني: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق. الثالث: أبو إسحاق السبيعي، جد إسرائيل واسمه: عمرو بن عبد ا الكوفي. الرابع: البراء بن عازب رضي ا تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: أن رواته ما بين بصري وكوفي.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في باب الصلاة من الإيمان عن عمرو بن خالد عن زهير عن أبي إسحاق عن البراء، وأخرجه في التفسير أيضا عن أبي نعيم وعن محمد بن المثنى، وفي خبر الواحد عن يحيى عن وكيع. وأخرجه مسلم في الصلاة عن محمد بن المثنى وأبي بكر بن خلاد. وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة، وقد ذكرنا جميع ذلك في باب الصلاة من الإيمان.
ذكر معناه قوله: (صلى نحو بيت المقدس) أي: بالمدينة، صلى جهة بيت المقدس (ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا) فالشك من البراء، وكذا وقع الشك عند البخاري في رواية زهير وأبي نعيم، ورواه أبو عوانة في (صحيحه): من رواية أبي نعيم، فقال: ستة عشر، من غير شك، وكذا في رواية مسلم رواية الأحوص، والنسائي من رواية زكريا بن أبي زائدة. ووقع في رواية أحمد والطبراني، عن ابن عباس: سبعة عشر، ونص النووي على صحة ستة عشر، والقاضي على صحة سبعة عشر وهو قول أبي إسحاق وابن المسيب ومالك بن أنس؛ والجمع بينهما أن من جزم بستة عشر أخذ من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا، وألغى الأيام الزائدة فيه، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا، ومن شك تردد فيهما، وذلك أن قدوم النبي المدينة كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف، وكان التحويل في نصف شهر رجب في السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور.
وجاءت فيه روايات أخرى: ففي (سنن) أبي داود وابن ماجة: ثمانية عشر شهرا، وحكى المحب الطبري: ثلاثة عشر شهرا، وفي رواية أخرى سنتين، وأغرب منهما: تسعة أشهر، وعشرة أشهر، وهما شاذان. قوله: (أن يوجه) على صيغة المجهول. قوله: (وصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام، رجل) واسمه: عباد بن بشر، قاله ابن بشكوال. وقال أبو عمر: عباد بن نهيك، بفتح النون وكسر الهاء، ووقع في رواية المستملي والحموي: (فصلى مع النبي رجال)، بالجمع. وقال الكرماني: فعلى هذه الرواية إلى ما يرجع الضمير في قوله: (ثم خرج)؟ قلت: إلى ما دل عليه؛ رجال، وهو مفرد، أو معناه: ثم خرج خارج. قلت: معناه على هذا: ثم خرج خارج منهم، فيكون الفاعل محذوفا. قوله: (بعدما صلى) كلمه: ما، إما مصدرية وإما موصولة. قوله: (في صلاة العصر نحو بيت المقدس)، كذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: (في صلاة العصر يصلون نحو بيت المقدس)، أي: جهته. قوله: (فقال) أي: الرجل.
قوله: (وهو يشهد) أراد به نفسه، ولكن عبر عنها بلفظ الغيبة على سبيل التجريد، أو على طريقة الالتفات، أو نقل كلامه بالمعنى، ويؤيده الرواية المذكورة في باب الإيمان من الصلاة بلفظ: أشهد، ووقع هنا صلاة العصر، وجاء في رواية أخرى عن ابن عمر في البخاري ومسلم والنسائي: صلاة الصبح، والتوفيق بينهما أن هذا الخبر وصل إلى قوم كانوا يصلون في نفس المدينة صلاة العصر، ثم وصل إلى أهل قبا في صبح اليوم الثاني، لأنهم
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»